يا ذا المعاهد ما تزال ترود ... رمد بعينك عادها أم عود
منع الرقاد فما أغمض ساعة ... نبط بيثرب آمون قعود
لا تسقني بيديك إن لم تلقها ... حوراً كأن أشاءها مجرود
ثم أقبل حتى أتى المدينة مجمعا على إخرابها وقطع نخلها واستئصال أهلها وسبي الذرية فنزل بسفح أحد. وأرسل آلنا أشراف أهل المدينة فأتاه منهم الازياد وهم: زيد بن ضبيعة بن زيد بن عمرو بن عوف، وأبنا عميه زيد بن أمية بن زيد بن عبيد بن زيد، وأحيحة بن جلاح ومعه قنية له أسمها مليكة وخباء وخمر فاجلسهم تبع على زريبة كانت تحته وحادثهم، فخافه أحيحة فانصرف آلنا خبائه فشرب ورقص أبياتا، وأمر القينة فغنته بها بقية نهاره وأكثر ليله. وقد جعل تبع عليه حرسا فناموا فذهب آلنا أهله وقال للقينة سدي عليك الخباء فإذا جاء رسول الملك فقولي هو نائم، فإذا أبى أباح إن يوقظني، فقولي إنه ذهب آلنا أهله وقد حملني رسالة آلنا الملك، فإذا ذهبوا بك إلينا فقولي له يقول لك أحيحة أغدر بقينة أو دع. وأنطق أحيحة فتحصن في أطم له يقال له الضحيان وغدر تبع بالازياد فقتلهم وأرسل يدعو أحيحة ليقتله فقالت القينة: إنه راقد. فترددت الرسل مراراً، وهي تقول لهم ذلك، فلما هموا بالدخول، قالت: إنه ذهب آلنا أهله وحملني رسالة آلنا الملك، فذهبوا بها آلنا تبع، فقالت له ما قال. فجرد جنده وحصره في أطمه ثلاثا يرميهم أحيحة بالحجارة نهاره والنبل، فإذا أمسى السقيم إليها