للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا آجرك الله عليها. فهذه حال من رحم، أو أهان البهائم التي لا ملك له عليها، فكيف ببهائمه التي يجب عليه القيام لها، فخير الناس أحسنهم ملكة وقياما بالواجب، وشرهم سيئ الملكة الذي لا يخشى العواقب.

واشتكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم جمل بأن صاحبه يجيعه ويتعبه، فقال صلى الله عليه وسلم: «ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكى إلي أنك تجيعه وتدئبه» . فكل من أجاع بهائمه وآذاها. فإنها تشتكي إلى ربها وناصرها ومولاها.

وقال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة، ومن لا يرحم لا يرحم» .

فالسعيد من حنى على هذه البهائم المسخرات، وقام عليها بما عليه من واجب النفقات، والشقي من نزعت الرحمة من قلبه فآذاها وشتمها، وأجاعها وأتعبها بغير حق وظلمها. فمن لعن شيئا من البهائم عادت لعنته عليه، ومن أجاعها أو شق عليها شق الله عليه، ومن رحمها فأكرمها أكرمه ربه وأنعم عليه. فسبحان من أكرم هذا الآدمي وسخر له الأنعام، يتمتع بمنافعها وألبانها ولحومها وظهورها على الدوام. فمن شكر الله على هذه

<<  <   >  >>