٥٧ - خطبة في الرضى بالقدر الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وكفى بالله وليا ونصيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى جميع الثقلين بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله فقد فاز المتقون، واعتمدوا على ربكم في كل ما به تتصرفون، واعلموا أن كل شيء بقضاء قدره من يقول للشيء كن فيكون، ألا وإن الاعتقاد في القضاء والقدر أحد أصول الإيمان، وبتحقيقه يتحقق للعبد الربح ويسلم من الخسران، فإن هذا الاعتقاد إذا وقر في القلوب نشط العاملين في أعمالهم، ورقاهم إلى مدارج الكمال في كل أحوالهم، فمن آمن حق الإيمان بالله وعلم أن كل شيء بقدره وقضاه ثبت الله قلبه للرضى والتسليم وهداه، ومن استعان بالله معتمدا بقلبه عليه أعانه، ومن لجأ إليه واحتمى بحماه حماه وعصمه وصانه، ومن تحمل في سبيله الأثقال والمشاق سهلها عليه