٢٩ - خطبة في العقل الحمد لله الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، ثم سواه ونفخ فيه من روحه، فتبارك الله أحسن الخالقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد المرسلين وإمام المتقين، اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم أجمعين، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واذكروا ما تفضل به عليكم من العقل الذي تميزتم به على كثير من المخلوقات، واحذروا أن تضيعوه أو تهملوه في وضعه في الأمور الضارة أو غير الأمور النافعات، فما أنعم الله على عبد نعمة فاستعملها فيما خلقت له إلا حفظها الله ونماها، ولا أهملها ووضعها في غير موضعها إلا سلبها وبقي عليه شقاها، فهذا العقل الذي منحكم الله إياه من أفضل العطايا، فما بالكم تستعملونه في ركوب الدنايا، خلق الله لكم العقول لتعقلوا بها ما ينفعكم من