المعارف والعلوم النافعة، وترتقوا بها إلى مدارج الفلاح بهمم قوية وقلوب واعية، فقاوموا بها ما يضركم من الأخلاق الرذيلة، فلا خير فيمن غلبت شهوته عقله فألقته في المهالك الوبيلة، فكروا في المصالح والمنافع فإذا توضحت فاسلكوها، وزاحموا بها النفوس العالية المقبلة على الخير ونافسوها، وإياكم أن تكون هممكم في تحصيل الأغراض الدنيئة فتخسروا عقولكم وتضيعوها، طوبى لمن كانت أفكاره حائمة حول ما يحبه الله، دائرة حول ما ينفع عباد الله، الإخلاص لله في كل الأمور شعاره، والإحسان المتنوع على الخلق دثاره، طوبى لمن كانت شهوته تبعا لعقله فآثر النافع وفاز بالسعادتين، وويل لمن غلبت شهوته عقله فاختار الرذائل فخسر الدنيا والدين، من ترك ما تهواه نفسه لله لم يجد فقده، وعوضه الله الإيمان والثواب، ومن تبع هواه وأعرض عما يحبه مولاه ابتلاه بالهموم وأنواع الأوصاب، سبحان من فاوت بين عباده بالعقول والهمم والأعمال، وباين بينهم في صفات النقص والكمال، وقسم بينهم الأخلاق كما قسم بينهم الأرزاق، فتبارك الله الواحد الملك الخلاق. من الله علي وعليكم بمحاسن الأعمال وأحاسنها، وحفظنا من أسافل الأخلاق وأراذلها {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[ق: ٣٧] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.