للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعذابها شديد ولباس أهلها القطران والحديد، وطعامهم الغسلين وشرابهم الصديد، يتجرعه المجرم ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان، وما هو بميت فيستريح من التنكيد، يتردد أهلها بين الزمهرير المفرط برده وبين السعير، ويلاقون فيها العنا والشقا، فيا بئس المثوى ويا بئس المصير، ويلقى عليهم الجوع الشديد المفظع، والعطش العظيم الموجع، فيستغيثون للطعام والشراب، فيغاثون من هذا العذاب بأفظع عذاب، يغاثون بماء كالمهل وهو الرصاص المذاب، خبيث الطعم منتن الريح حره قد تناها، إذا قرب من وجوههم أسقط جلدها ولحمها وشواها، وإذا وقع في بطونهم صهرها وقطع أمعاءها، يغلي طعام الزقوم في بطونهم كغلي الحميم، فشاربون عليه من الحميم، فشاربون شرب الإبل العطاش الهيم، هذا نزلهم فبئس النزل غير الكريم، ينادودن مالكا خازن النار: {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: ٧٧] فيقول {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ - لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} [الزخرف: ٧٧ - ٧٨] وينادون مستغيثين بربهم {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ - رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ - قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: ١٠٦ - ١٠٨] فحينئذ ييأسون من كل خير ويأخذون في الزفير والشهيق، وكلما رفعهم اللهب

<<  <   >  >>