أو غيرها من الأسباب قائمين بالسبب متوكلين ومعتمدين على مسبب الأسباب، فإنكم إذا اتصفتم بذلك لم تزالوا في عبادة وأعانكم المولى، ويسر لكم الطرق والأبواب، وثلاث كلمات هن روح التوكل والاستعانة، فمن قالها بلسانه مستحضرا لمعناها في قلبه فقد حقق التوكل واستقام بنيانه:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة: ٥] وحسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، التي هي كنز من كنوز الجنة، توصل العبد إلى كل خير عميم، فمتى علم العبد أنه لا حول لأحد ولا قوة إلا بالله، فاعتمد كل الاعتماد على ربه في جلب مصالح دينه ودنياه، وفي استدفاع المضار والمكاره واثقا بمولاه، عالما أنه النافع الضار، وأنه الواقي للشرور الجالب للمحاب والمسار، وأن الخلق كلهم في غاية الاضطرار إلى ربهم ونهاية الافتقار، فقطع رجاءه وتعلقه بالمخلوقين، وانزل حوائجه وشؤونه كلها بالله رب العالمين، فليبشر بالكفاية التامة وتيسير الأمور، ويا قرة عينه بالحياة الطيبة في كل ما يجري به المقدور، ومن انقطع تعلقه بالله وتعلق بمن سواه خذله ووكله إلى غيره وولاه ما رضيه لنفسه وتولاه، فاتقوا الله عباد الله، وأجملوا في السعي والطلب، وتوكلوا على المسبب