للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأجربَ يكون في الإبل الصحيحة فيخالِطها فتَجْربُ، حيث رَدَّ عليه بقوله: (فَمَنْ أَعْدَى الأول؟!) (١). يعني أن الله سبحانه وتعالى ابتدأ بذلك في الثاني كما ابتدأه في الأول.

وأما الأمر بالفرار من المجذوم فمِن بابِ سدِّ الذرائع، لئلاّ يتفق للشخص الذي يخالِطه شيء مِن ذلك بتقدير الله تعالى ابتداءً، لا بالعدوى المنفية (٢)؛


(١) لفظه عند أحمد: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: لا يُعْدِي شَيْءٌ شَيْئاً)؛ فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ؛ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ النُّقْبَةُ مِنَ الْجَرَبِ تَكُونُ بِمِشْفَرِ الْبَعِيرِ أَوْ بِذَنَبِهِ فِي الإِبِلِ الْعَظِيمَةِ؛ فَتَجْرَبُ كُلُّهَا! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (فَمَا أَجْرَبَ الأَوَّلَ؟! لا عَدْوَى وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ، خَلَقَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ فَكَتَبَ حَيَاتَهَا وَمُصِيبَاتِهَا وَرِزْقَهَا)، ولفظ المؤلف أخرجه البخاري، ٥٧١٧، و ٥٧٧١، و ٥٧٧٥، الطب، ومسلم، ٢٢٢٠، كتاب السلام، مِن حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وفي مثْلِ هذا اللفظ للحديث دلالةٌ واضحةٌ على أنّ المراد به نفْي العدوى التي يَعتقدها أهل الجاهيلة آنذاك، لا النفي المطْلق للعدوى؛ ولا يَصحّ ضرْب الأحاديث الثابتة ببعضها أو بما لا يَثْبت مِن الأحاديث.
(٢) وقوله: "مِن ذلك بتقدير الله ابتداء، لا بالعدوى المنفية". هذا القول ليس بسديد. ويُقال فيه: ومَن قال: إنَّ تقديرَ الله تعالى منافٍ للعدوى! أو أنّ العدوى منافيةٌ لقدَرِ الله!

<<  <   >  >>