قال المصنف رحمه الله تعالى:[وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظاً وترك التعرض لمعناه، ونرد علمه إلى قائله، ونجعل عهدته على ناقله، اتباعاً لطريق الراسخين في العلم].
هذه قاعدة سادسة، وهي أن ما أشكل مما يتعلق بأسماء الله وصفاته وأفعاله على السامع أو القارئ يرد إلى قائله، وإلا فالأصل في الدين أنه لا يُشكل على الراسخين في العلم كما أشار الشيخ بعد ذلك، لكن قد يُشكل لأن مفاهيم الناس وإدراكاتهم تتفاوت، وفهمهم للغة يتفاوت، واستحواذ الشبهات والوساوس تختلف من شخص لآخر، فقد يُشكل على بعض الناس معنى أو لفظ من أسماء الله وصفاته وأفعاله، أو ترد عليه خواطر لا يستطيع دفعها، فهذه قاعدة فإذا أشكل أمر من هذه الأمور في أسماء الله وصفاته وأفعاله فلا بد من الرجوع إلى القاعدة الأصلية، وهي أن ما قاله الله عز وجل يُثبت على حقيقته كما يليق بجلال الله، فقوله عز وجل:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥] نؤمن بأن هذا اللفظ حق لأن الله تكلم به، وأن معناه أيضاً حق.
والشيخ عبّر بتعبير فيه إيهام وسيأتي إيضاحه إن شاء الله، فقوله:(وترك التعرض لمعناه)، أقول يجب إثبات لفظ الله عز وجل أو فعله أو وصفه الذي يرد في الكتاب والسنة، ثم إثبات أن هذا اللفظ له حقيقة تليق بجلال الله عز وجل، وله معنى أيضاً يليق بجلال الله عز وجل.
اللفظ وحقيقته ومعناه لا بد من الإيمان بهما على ما يليق بجلال الله عز وجل مع استحضار القاعدة الأصلية وهي أن الله عز وجل ليس كمثله شيء سبحانه فقوله:(وجب إثباته لفظاً) أي: إقرار أن لفظه مقصود، وأن له معنى وحقيقة، لا كما يقول المؤولة بأن اللفظ غير مراد إنما هو من باب تقريب المعنى إلى الأذهان! فهذا غير صحيح؛ لأن الله عز وجل له الكمال المطلق، ويستطيع أن يعبّر لنا بتعبير لا يكون فيه هذا الإشكال الذي يرد ويوقع الناس في الحرج، ويوقعهم في تأويلات لا تنتهي، ويخرجون عن العقيدة السليمة إلى عقائد لا نهاية لها كما فعل المؤولة.