والكلابية أتباع عبد الله بن سعيد بن كلاب وهو ينتسب إلى أهل الحديث، لكنه خالفهم في أول الأمر في جزئية ثم تجارى به الهوى حتى صار صاحب مذهب كلامي فلسفي يخالف مذهب أهل السنة والجماعة خاصة في كلام الله، فأصل مذهب ابن كلاب أنه يُنكر قيام الأفعال بالله عز وجل، أي يُنكر بعض أفعال الله ويؤولها، خاصة في كلام الله، فأنكر أن يكون الله عز وجل تكلم بالقرآن، فقال: إن كلام الله معنى قائم بالنفس، وإن هذا الكلام أي كلام الله إذا عُبّر عنه بالعربية سمي قرآناً، وإذا عُبّر عنه بالعبرية سمي توراة إلى آخره فكأنه يرى كلام الله معاني يترجمها الناس أو المخلوقون.
وابن كلاب لم يزد عن هذه البدعة وما حولها، لكنه فيما بعد صار مذهبه مذهباً لأهل الكلام الذين جاءوا بعده وسلكوا هذا الاتجاه، فصار قوله قاعدة للمتكلمين من بعده، فالأشاعرة في حقيقة الأمر هم كلابية، والماتريدية كلابية لأنهم أنكروا أفعال الله، أو صفاته الفعلية وقيام الحوادث به، وأنكروا ارتباط بعض أفعال الله بالمشيئة، فيرون أن الله لا يفعل عندما يشاء، إنما فعله لازم منذ الأزل إلى الأبد، فالله عندهم ليس فعّالاً لما يريد من كل وجه، ولكن في بعض الأمور دون بعضها، فالكلابية أسسوا هذا المذهب فتبعهم الأشاعرة والماتريدية.
ثم قال:(ونظائرهم) أي: من فرق الضلال ممن جاءوا بعدهم أو عاصروهم، وطوائف البدع ممن لم يسمهم كالسالمية والمشبهة والأشاعرة والماتريدية ونحوهم كلهم أهل كلام وأهل بدع بحسب ما عندهم.