قال المصنف رحمه الله تعالى: [ومن ذلك أشراط الساعة، مثل خروج الدجال ونزول عيسى بن مريم عليه السلام فيقتله، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وأشباه ذلك مما صح به النقل.
وعذاب القبر ونعيمه حق، وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم منه وأمر به في كل صلاة، وفتنه القبر حق، وسؤال منكر ونكير حق.
والبعث بعد الموت حق، وذلك حين ينفخ إسرافيل عليه السلام في الصور:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ}[يس:٥١]، ويُحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً بهماً، فيقفون في موقف القيامة حتى يشفع فيهم نبينا صلى الله عليه وسلم، ويحاسبهم الله تبارك وتعالى، وتنصب الموازين، وتنشر الدواوين، وتتطاير صحائف الأعمال إلى الأيمان والشمائل:{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا}[الانشقاق:٧ - ١٢].
والميزان له كفتان ولسان يوزن به أعمال العباد:{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}[المؤمنون:١٠٢ - ١٠٣].
ولنبينا محمد صلى الله عليه وسلم حوض يوم القيامة ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، وأباريقه عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً.
والصراط حق يجوزه الأبرار ويزل عنه الفجار].
هذه الأمور كلها داخلة في الإيمان بالغيب، وهي جزء مما بدأ به من مسائل الإيمان والغيب والخبريات والسمعيات، فأشراط الساعة وما يتعلق بها داخل في أمور الغيب، وفي أصول الإيمان.
فأول ما ذكر أشراط الساعة لأنها مقدمات القيامة، ولذلك بعض أهل العلم يلحق أشراط الساعة بالإيمان باليوم الآخر، وبعضهم يلحقها بالسمعيات الأخرى ويقول: إنها مقدمات للآخرة وهي جزء من الدنيا، وعلى أي حال فهي -كما سميت- أشراط للساعة، يعني علامات لليوم الآخر، أي: علامات نهاية الدنيا وبداية الآخرة، فهي من حيث إنها علامات تلحق بيوم القيامة، ومن حيث زمنها تلحق بأمور الحياة الدنيا.
أشراط الساعة هنا لم ترتب حسب ورودها أو حسب تسلسلها الزمني، مع أن أهل العلم اختلفوا اختلافاً كبيراً في ترتيبها وأيها يبدأ وأيها ينتهي وما بين ذلك.