كثر الكلام والشبهات حول سيد قطب وعقيدته وأخطائه، فما رأيكم؟
الجواب
أما الكلام حول سيد قطب رحمه الله، فصحيح أن الناس اختلفوا اختلافاً كبيراً لكن على غير علم، أو على غير أصول شرعية، أغلبهم ولا أقول: كلهم، لا شك أن أكثر أهل العلم وأكثر طلاب العلم والشباب إن شاء الله على الأصل الشرعي وهو أن سيد قطب رحمه الله ننظر إليه من الأمور التالية نوجزها بسرعة: أولاً: سيد قطب رحمه الله ليس إماماً في الدين، وليس من العلماء الذين تقوم كلماتهم على الأصول العلمية، إنما هو أديب داعية مجتهد احتسب أجره إلى الله عز وجل، ودعا إلى الله، ووقف ذلك الموقف الذي جعله مقبولاً عند عامة المسلمين، وأحبه الناس لوقفته مع دين الله عز وجل، ونصر الله به الدين في بعض جوانبه؛ فهو إنسان أدى واجبه حسب اجتهاده، وأمره إلى الله عز وجل.
الأمر الثاني: فيما يتعلق بكلامه كلامه فيه حق وفيه باطل، خاصة في جوانب العقيدة، ولا نبرئه من الخطأ، ثم إننا أيضاً لا نجرمه؛ لأننا نعلم أنه لم يتكلم في أمور العقيدة عن علم قاطع من ناحية، ولم يكن ممن يتعصب لأهل الأهواء والبدع من ناحية أخرى، فإن كلامه وأصوله التي بنى عليها كلامه أنه كان حريصاً على الحق وحريصاً على السنة، وإذا بلغه الدليل أخذ به إذا فهمه، لكنه نشأ في بيئة أكثرها أشعرية وماتريدية وكلامية، فعاش وترعرع في هذه البيئة وفهم كثيراً من مفاهيم الدين عن هذه البيئة وأخذ بها وكأنها الحق وسلم بها، وترك بعضها، بل إنه تحرر من كثير من الأمور التي يقول بها من عاصروه ومن سبقوه من أتباع المذهب الأشعري والماتريدي؛ هذا وجه.
والوجه الآخر: أنه حينما قال هذه المقولات -التي أخطأ بها في العقيدة- أكثرها عبر عنها بتعبير أدبي غير قاطع في الدلالة، لا نستطيع أن نجرمه به، نعم نقول: إنه أخطأ، وبعض الألفاظ الظاهر منها الخطأ لا شك، لكن حملها على أسوأ المحامل هذا فيه نوع اعتداء وظلم، وفيه تكلف، وينبغي إذا قلنا أن ننصف، ولا نتكلم في أحد إلا بعلم؛ فلذلك ينبغي أن نعتدل، فلا نعتبره إماماً في الدين وقدوة ونقدسه، أو ندافع عنه بالحق والباطل.
إذاً نعتدل وننصف قدر ما نستطيع، ومع ذلك نترك أمره إلى الله عز وجل، فهو فيما أحسن نرجو له الثواب من الله عز وجل، وفيما أساء نسأل الله لنا وله المغفرة.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.