قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال عليه السلام: (اقرءوا القرآن قبل أن يأتي قوم يقيمون حروفه إقامة السهم، لا يجاوز تراقيهم، يتعجلون أجره ولا يتأجلونه).
وقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما: إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه.
وقال علي رضي الله عنه: من كفر بحرف منه؛ فقد كفر به كله].
في هذه النصوص إشارة إلى أن القرآن حروف، وأنه يتكون من هذه الحروف التي أنزلها الله عز وجل، وفي ذلك رد على الذين قالوا: إن القرآن معان نفسية، أو أنه معان قائمة بذات الله، وأن الحروف والأصوات ليست من كلام الله عز وجل، فأراد بذلك أن يثبت أن كلمة (حروف) وردت في السنة ووردت على ألسنة الصحابة، أي: أن القرآن وحروفه من كلام الله عز وجل لذلك قال علي بن أبي طالب: من كفر بحرف فقد كفر به كله، وهذا يفهم منه أن القرآن كلام الله؛ لأنه لو لم يكن كذلك -يعني: بحروفه وأصواته- لما كفر الصحابة من أنكر الحرف؛ لأنه قد ينكر أحد من الناس حرفاً ولا ينكر المعنى، وإذا كان كلام الله مجرد المعاني؛ فإن إنكار الحرف لا يتطرق إلى المعاني، وعلى هذا لا يعد من أنكر حرفاً كافراً، لكن ما دام كلام الله عز وجل، وأن الله عز وجل تكلم به بحروفه والأصوات التي تليق بجلال الله عز وجل، فهذا يعني أن من أنكر حرفاً؛ فقد أنكر حرفاً من كلام الله عز وجل، فمن هنا يكفر.
فالإشارة إلى تكفير من أنكر حرف دليل على أن الله تكلم بالقرآن بهذه الحروف التي بين أيدينا على ما يليق بجلال الله عز وجل، بكلام ليس ككلام البشر؛ لأن الله سبحانه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١].