للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تعليق على ما كتبه أحد محققي اللمعة]

في بعض النسخ تعليق يحتاج إلى شيء من التنبيه، نسخة من اللمعة التي كتب عليها مكتبة دار البيان، ومكتبة المؤيد، تحقيق عبد القادر بدران وتخريج بشير محمد عيون.

هنا تعليق في الصفحة الثامنة على موضوع مر في الأسبوع الماضي يتعلق بكلام الله عز وجل وما ورد في النصوص من الإشارة إلى الحرف والصوت، وكذلك عند الكلام على حديث النزول: (إن الله ينزل إلى السماء الدنيا) (إن الله يرى في القيامة) وما أشبه هذه الأحاديث، قال فيها الإمام أحمد: نؤمن ونصدق بها لا كيف ولا معنى.

فهذه قاعدة عامة، (لا كيف ولا معنى) بمعنى: لا نتحكم في المعنى على جهة التفصيل، لكن كثيراً من المتكلمين يقصد بالمعنى إثبات الصفة، ومن هنا يلتبس الأمر، ولذلك جاء التعليق ملبساً.

نفي المعنى تحته احتمالان: قد يقصد به نفي الكيفية، وهذا صحيح، وقد يقصد به نفي إثبات الحقيقة لصفات الله وأفعاله، وهذا لا يجوز؛ لأن الإثبات هو مقتضى النصوص.

فإذا قصد بالمعنى حقيقة الصفة فهذا أمر يجب إثباته، وإذا قصد بالمعنى الكيفية فهذا أمر لا يجوز الخوض فيه ولا السؤال عنه، فلذلك قال في الهامش رقم (٣): أي لا نقول كيف هي، ولا نقول معناها كذا وكذا.

وهذا كلام مجمل فيه صواب وفيه غلط، نعم، لا نقول كيف هي، لكن قوله: (لا نقول معناها كذا وكذا)، إن قصد عدم إثبات الحقيقة أو إثبات الصفة، فليس هذا صحيحاً، وإن قصد ألا نتحكم في كيفيتها، أو لا نتصور فهذا صحيح يقر عليه.

ثم إنه أشار في نفس التعليق إلى أمر فيه خلط، فذكر أن هذا ما عليه السلف، وذهب إليه المحققون من الخلف، وهذا ليس بصحيح، فالخلف لم يثبتوا ما أثبته السلف، وإذا أثبتوا أو قالوا بعض الكلمات التي توافق كلمات السلف فلهم مراد آخر يدل عليه تفصيلهم إذا فصلوا، فلا يوافق على أكثر كلامه.

قال: ومنهم كبار علماء الأشاعرة.

وهذا ليس بصحيح؛ لأن كبار علماء الأشاعرة خالفوا السلف خاصة في هذه المسائل التي أشار إليها وهي النزول والكلام والمجيء، ورؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة.

كما أن كلامه يفهم أن السلف ردوا على المعتزلة بأن الكلام لله هو الكلام النفسي، وهذا خطأ، فهذا كلام الأشاعرة، والأشاعرة أرادوا أن يوفقوا بين منهج السلف ومنهج المعتزلة، وإلا فأهل السنة يبدعون من قال إن كلام الله هو الكلام النفسي أو معنى قائم بالنفس؛ لأنه كلام جديد محدث، وهو خوض في الكيفية بغير علم، لأن الله عز وجل يثبت له ما أثبته لنفسه من غير خوض في التفاصيل وكلمة (كلام نفسي) نفاها السلف وما أثبتوها.

ثم استدل ببيت لا صحة له: إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا وهذا كلام يتعلق بأفعال البشر، ثم هذا الكلام ليس دليلاً على المقصود هنا، وكذلك قوله: (ما قصدوا إلا التمثيل من حيث الحرف والصوت)، هذا فيه نظر يحتاج إلى تفصيل إلى آخر كلامه، وأكثره كلام الأشاعرة وليس من كلام السلف، فلننتبه له.

<<  <  ج: ص:  >  >>