[الكلام صفة من صفات الله تعالى]
في هذا المقطع إثبات لأصل من أصول أهل السنة والجماعة فيما يتعلق بكلام الله تعالى، وما ورد فيه من تفصيل في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما اتفق عليه سلف الأمة.
فأولاً: ذكر أن من صفات الله تعالى أنه متكلم بكلام قديم، يعني: أن الله عز وجل يوصف بهذا الوصف، أي: أن الله متكلم كما يشاء على ما يليق بجلاله عز وجل.
وقوله: (بكلام قديم)، يشير به إلى أن كلام الله عز وجل أزلي، من حيث إنه من صفاته، وصفات الله عز وجل أزلية؛ لأن الله عز وجل هو الأول الذي ليس قبله شيء، بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.
وكلمة (قديم) لم تكن معهودة في عصر الصحابة ومن بعدهم إلى القرن الثاني، وفي منتصف القرن الثاني وما بعده جاء المتكلمون بمصطلحات جديدة لم يكن يعرفها المسلمون، ومن ذلك كلمة (قديم)، فزعموا أن صفات الله عز وجل لا تقبل أن ترتبط بمشيئة الله عز وجل.
ومن ذلك كلامه، فمنهم من أنكر كلام الله إطلاقاً؛ كالجهمية والمعتزلة، ومنهم من أثبت كلام الله عز وجل؛ كطوائف من المعتزلة وأهل الكلام، لكنهم زعموا أن كلام الله معنىً وليس بحروف ولا أصوات، أما السلف فقد فصلوا في كلام الله عز وجل وقالوا: إن كلام الله من حيث هو أصل وصفة أزلي، قالوا: فهو أزلي النوع، أي: نوع الكلام، وهذه صفة كمال، فإن الله متصف بذلك منذ الأزل.
ثم قالوا: إن الكلام حادث الآحاد، بمعنى أن الله يتكلم متى شاء بما شاء، أي أن كلام الله مرتبط بمشيئته، وقد وردنا شيء من آحاد كلام الله عز وجل على جهة التفصيل، فقد ورد إلينا على سبيل القطع أن الله عز وجل كلم موسى، وكلم محمداً صلى الله عليه وسلم.
نرجع إلى كلمة (قديم)، فإنها لم تكن معهودة في عهد السلف، أي: وصف كلام الله، أو شيء من صفاته وأفعاله وأسمائه بأنه قديم، هذا لم يرد على ألسنة السلف الأوائل، لكنهم اضطروا إليه فيما بعد؛ بسبب أن هذه الكلمة صارت تحتمل معان، فمن معاني كلمة (قديم): أزلي، بمعنى أن الله متصف بصفات الكمال منذ الأزل، أي: أن صفاته لا أول لها سبحانه.
وهناك معنىً آخر لكلمة (قديم) يرده السلف ويرفضونه، وينزهون الله عنه، وهو القديم بمعنى: المتهالك البالي.
إذاً: كلمة (قديم) الأولى أن تستبدل بأزلي، أو لا أول له، أو ليس قبله شيء.
قوله: يَسمَعه (من شاء من خلقه)، أو يُسمِعه، أي: يسمعه الله عز وجل من شاء من خلقه، فالله عز وجل قد أسمع موسى من غير واسطة، وسمعه جبريل عليه السلام، ومن أذن له من ملائكته، كما ورد في صحيح مسلم وغيره أن الملائكة يسمعون كلام الله عز وجل حينما يتنزل الوحي.