وقوله:(من السنة) أي: من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن سنة الخلفاء الراشدين، ومن سنة السلف الصالح، ومن سبيل المؤمنين: السمع والطاعة لأئمة المسلمين ما لم يأمروا بمعصية، وأئمة المسلمين هم كل من ولاه الله أمر المسلمين، سواء كان خليفة كالخلفاء الراشدين، ومن بعدهم ممن تسمى بهذا الاسم كبعض خلفاء بني أمية وبعض الخلفاء العباسيين، ومن جاء بعدهم، أو كان إماماً وهو بمعنى الخليفة، وهو الإمام الأعظم الذي يتولى أمور المسلمين في دينهم ودنياهم.
أو كان سلطاناً، وهو أيضاً من ولاه الله أمر المسلمين بسلطان، وهو إما أن يكون شرعياً تولى السلطة بطريق الشورى أو بطريق اختيار أهل الحل والعقد، أو بطريق الغلبة.
أو كان ملكاً، سواء تولى عن طريق الشورى أو أهل الحل والعقد، أو عن طريق الغلبة أو كان أميراً، وهو أيضاً بمعنى السلطان والملك، وهو من ولاه الله أمر المسلمين وسمي أميراً، سواء كان بالشورى أو بعقد أهل الحل والعقد أو بالغلبة، أو بنحو ذلك من الطرق التي يتولى بها الناس أو يتولى بها أحد أمور المسلمين، فكل من ولاه الله أمر المسلمين فهو له حق السمع والطاعة بالمعروف ما لم يأمر بمعصية.
لكن لهذه الأوصاف درجات من الناحية الشرعية، فخلافة المسلمين أحياناً تكون خلافة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر المسلمين، وهذه في الخلفاء الراشدين الأربعة المهديين، وبعضهم يلحق بهم عمر بن عبد العزيز، وبعضها خلافة على عباد الله، أي خلافة الأرض في الدين والدنيا، وهذه لا يلزم أن يكون فيها الخليفة راشداً كالخلفاء الراشدين، وكلمة الإمام تُطلق على من يغلب عليه الاهتمام بالشرع، ومع ذلك قد يتسمى إماماً من هو دون ذلك.
وعلى أي حال كل هذه الألفاظ هي ولاية للمسلمين، الخليفة والإمام والسلطان والملك والأمير والرئيس، أو ما اصطلح الناس على اسمه، فالعبرة بوصفه، ما دام وصفه أن يكون أميراً أو والياً لأمر المسلمين بأي وصف وبأي اسم، فإن له حق السمع والطاعة ما لم يأمر بمعصية.