ثم ذكر أصناف أهل الأهواء قال:(كالرافضة)، والرافضة اسم جدير بالشيعة، لأن الشيعة مرت بأطوار ما بين الغلو والاعتدال والتوسط، انتهت في بداية القرن الثاني الهجري بل قبله بقليل إلى الرفض، وما بقي على التشيع إلا الزيدية، بل انقطع التشيع في غير الزيدية.
إذاً: شيعة اليوم كلهم رافضة، حتى الباطنية تفرعت عن الشيعة، وكل شيعة اليوم رافضة إلا نوازع قليلة فردية أو شخصية لا يؤبه بها، لكن الفرق الشيعية انقرضت ولم يبق إلا الرافضة، أما الزيدية فهي معروفة باستقلالها.
فالرافضة هم الذين رفضوا الإقرار لـ أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بالإمامة وبالأفضلية، بل ورفضوا أن يكونوا أهل حق، بمعنى أنهم سبوا أبا بكر وعمر وزعموا أنهما من المرتدين، ومن خلال هذا الاسم ينطبق الرفض على جميع أمور الدين وليس على رفض أبي بكر وعمر، لكن هو الشعار الأول.
وسموا رافضة لأنهم لما اجتمعوا حول زيد بن علي بن الحسين شيخ الزيدية وقد شكوا بأنه على أصولهم، فأرادوا أن يختبروه فقالوا: ماذا تقول في أبي بكر وعمر؟ وكانوا يؤملون أنه سيسبهما أو يلعنهما قاتلهم الله، لكنه قال قولاً آخر فترضى عنهما وقال قول أهل الحق، فانفضوا من عنده فقال: إذاً رفضتموني، فسموا الرافضة، وبقي هذا الوصف لهم إلى يومنا هذا.
إذاً: الرافضة هم الشيعة الموجودون الآن ما عدا الزيدية، وبعض الزيدية رافضة.
وأهم أصول الرافضة وأخطرها قولهم بعصمة أئمة آل البيت، فهم يرون أن أهل البيت معصومون، وأنهم يعلمون الغيب، وأنهم أحق بالإمامة والخلافة إلى قيام الساعة، وأنهم يتصرفون في الكون أو في بعض الكون وفي أيديهم مقاليد الكون، وأن عندهم أشياء من العلم ليست عند بقية المسلمين ولا الصحابة ولا حتى النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم ورثوا النبوة وخصائصها كما يرثون النسل.
لهم أصول أخرى مثل التقية والمهدية والرجعة، وكل أصل يُعد بذاته كفراً، ورتّبوا على هذه الأصول تكفير الصحابة رضي الله عنهم، فهم يكفّرون جميع الصحابة إلا ثلاثة، وأحياناً خمسة وأحياناً سبعة، فيستثنون علياً والحسن والحسين وسلمان الفارسي وجابر بن عبد الله وبعض الصحابة، وبعضهم قد يحصر الاستثناء بآل البيت فقط.