المسألة السادسة: قوله: (أراد ما العالم فاعلوه) وهذا يعني أن أفعال العباد بما فيها أفعال العقلاء والمكلفين مرادة لله عز وجل خيرها وشرها، لكنها إرادة عامة، ليست إرادة خاصة؛ لأن الإرادة على نوعين: إرادة عامة بمعنى الخلق والتدبير والتقدير العام بالعلم والإيجاد وغير ذلك، والله عز وجل لا يخرج شيء عن إرادته، سواء أفعال الجمادات أو أفعال العباد، وأفعال العباد سواء منها ما هو بإرادتهم أو ما لم يكن بإرادتهم.
والنوع الثاني وهو الإرادة الخاصة، هذه الإرادة هي التي فيها تفصيل، وهي التي التبس أمرها على القدرية وعلى كثير من ضعاف الفقه في الدين وضعاف العقيدة، فأحياناً يحملونها على الإرادة العامة، وأحياناً ينكرونها، وأحياناً ينكرون بعض الإرادة العامة إلى آخره، بسبب عدم فهمهم لنوع الإرادتين، فالإرادة الأولى العامة يدخل فيها كل شيء من الخير والشر والضر والنفع، فكل شيء بإرادة الله.
والنوع الثاني وهو الإرادة الشرعية الدينية، وهي أن الله عز وجل أراد الخير من عباده، وأحبه منهم، ولم يرد الشر منهم وكرهه منهم.
إذاً: الإرادة الخاصة نوعان: نوع يريده الله ويحبه، ونوع لا يريده الله ولا يحبه، فالله يريد الخير شرعاً ولا يريد الشر، فيحب الخير ويحب فعله ويحب فاعله، ويكره الشر ويكره فعله ويكره فاعله.
إذاً: الله من حيث الإرادة الخاصة يريد الخير ولا يريد الشر، كما قال عز وجل:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة:١٨٥].