لا ينافي جواز دخول الروم فيه في حال تسهيله بين بين. وهذا ما دل عليه قوله:(وما قبله التحريك البيت).
٢٥٣ - ومن لم يرم واعتدّ محضا سكونه ... وألحق مفتوحا فقد شذّ موغلا
المعنى: لما ذكر في البيت السابق أن مذهب بعض أهل الأداء عن حمزة تسهيل الهمز المتطرف المتحرك المسكن للوقف الواقع بعد حرف متحرك أو بعد ألف. وقد ذكرنا في شرح ذلك البيت أن هذا مقيد بما يصح أن يكون محلّا للروم وهو المجرور والمرفوع، ذكر في هذا البيت مذهبين آخرين:
المذهب الأول: الاقتصار على الإبدال، وعدم جواز التسهيل مع الروم. سواء كان الهمز مضموما، أم مكسورا أم مفتوحا. وعلل ذلك بأن الهمزة إذا سهلت بين بين، سواء كانت مضمومة، أم مكسورة، أم مفتوحة، قربت من الساكن فيكون حكمها حكم الساكن، فيمتنع التسهيل بالروم فيها كما يمتنع في الساكن.
المذهب الثاني: جواز التسهيل مع الروم سواء كان الهمز مضموما أم مكسورا أم مفتوحا، وعلل ذلك بأن الهمزة المسهلة بين بين وإن قربت من الساكن لما دخلها من الضعف؛ فإنها بزنة الهمزة المتحركة بدليل قيامها مقام الهمزة المتحركة في الشعر، وإذا كانت بزنة المتحركة؛ فإنه يجوز رومها في الحركات الثلاث. واعتذر عن روم المفتوح بأنه دعت الحاجة إليه عند التسهيل مع جوازه في العربية. وقد أشار الناظم إلى المذهب الأول بقوله (ومن لم يرم واعتد محضا سكونه) يعني: ومن لم يرم مطلقا في الحركات الثلاث.
واعتبر سكون الهمز محضا فألحقه بالساكن الأصلي، وأعطاه حكمه من منع تسهيله مع الروم. وعلى هذا يكون قوله:(واعتد) بمعنى: واعتبر، وهو ينصب مفعولين الأول (سكونه)، والثاني (محضا). فقدم الناظم وأخّر وأشار إلى المذهب الثاني بقوله:
(وألحق مفتوحا) وفيه حذف. والتقدير: ومن ألحق مفتوحا، يعني: ومن ألحق المفتوح بالمكسور والمضموم في جواز تسهيله مع الروم. وقوله (فقد شذ) إشارة إلى إبطال المذهبين معا أي من يقل بهذا المذهب الأول أو بهذا المذهب الثاني فقد شذ حال كونه موغلا في الشذوذ.