للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مدامعها بالدمع، ولم ينقطع بكاها أبدا، ولكن قلة بكائها صادرة عن قسوة القلب بسبب الغفلة عن ذكر الله سبحانه. فاحذروا أن تمر أعماركم في اللهو واللعب، وما لا يعود عليكم بالنفع في الحال والمآل.

٨٤ - بنفسي من استهدى إلى الله وحده ... وكان له القرآن شربا ومغسلا

٨٥ - وطابت عليه أرضه فتفتّقت ... بكلّ عبير حين أصبح مخضلا

اللغة: (استهدى): طلب الهداية. (الشرب): النصيب المقسوم من الماء. (المغسل):

مكان الغسل. (فتفتقت): انشقت. (والعبير): الزعفران، أو نوع من الطيب يخلط به.

و (المخضل): المبتل. و (بنفسي): متعلق بمحذوف تقديره أفدي.

والمعنى: أفدي بنفسي من كل مكروه من توجه في طلب هداية الله وحده، وكان له القرآن بملازمة تلاوته والعمل بما فيه حظه ونصيبه من الدنيا ومطهرا له من أوضار

الذنوب.

وطابت له الأرض التي تحمله لما عنده من الانشراح؛ بسبب صلاح حاله مع الله تعالى، وكنى بقوله: فتفتقت بكل عبير، عن ثناء أهلها عليه، واغتباطهم به، أو أن الأرض زكت وكثر خيرها بسبب هذا المستهدي لقيامه بالحق وبطاعة الله عزّ وجلّ. وكنى بقوله: مخضلا، عما أفاض الله عليه من نعمه بالمحافظة على حدوده.

٨٦ - فطوبى له والشّوق يبعث همّه ... وزند الأسى يهتاج في القلب مشعلا

٨٧ - هو المجتبى يغدو على النّاس كلّهم ... قريبا غريبا مستمالا مؤمّلا

اللغة: (طوبى): فعلى مصدر طاب يطيب، أصله طيبي، قلبت الياء واوا؛ لانضمام ما قبلها.

والمعنى: والحالة الطيبة له، أو طوبى الجنة له، ف (طوبى): مبتدأ والجار والمجرور خبره والجملة خبرية أو دعائية، والضمير في (له) يعود على المستهدي (والهم): القصد والإرادة، (والزند): ما يقدح به النار، و (الأسى): التأسف من أسيت على الشيء أسفت عليه، وحزنت، ومنه قوله تعالى: فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ (يهتاج):

ينبعث ويلتهب و (مشعلا): حال من فاعل يهتاج.

والمعنى: العيش الرغد الناعم للمستهدي حين يثير الشوق قصده إلى ما أعده الله

<<  <   >  >>