أحدهما مستثنىً من الآخر: إما أن يكون الوعد مستثنىً من الوعيد وإما أن يكون الوعيد مستثنىً من الوعد وعلى السامع لذلك أن يقف فلا يدري لعل الخبر في أهل التوحيد كلهم أو في بعضهم غير أنه لا يعلم أنه لا يجتمع الوعد والوعيد في رجل واحد لأن ذلك يتناقض.
٤ - وقالت الفرقة الرابعة وهم أصحاب محمد بن شبيب: وجدنا اللغة أجازت: جاء بنو تميم وجاءت الأزد وإنما يعني بعض بني تميم وبعض الأزد وصرمت أرضى وإنما صرم بعضها وضرب الأمير أهل السجن وإنما ضرب بعضهم قالوا فلما وجدنا اللغة أجازت ذلك وسمعنا الأخبار في القرآن مما مخرجه عام أجزنا أن يكون معناها في الخاص من أهل كل طبقة ذكرهم الله - سبحانه - بوعيد وأجزنا أن يكون ذلك عاماً وذلك مثل قوله:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}[النساء: ٩٣] وكقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً}[النساء: ١٠] وكقوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}[النور: ٤] وأشباه ذلك من آي الوعيد التي جاءت مجيئاً عاماً فأجزنا ذلك لما ذكرنا من إجازة اللغة فيما بينها أن يكون الخبر مخرجه مخرجاً عاماً وهو خاص وأن تكون الآي التي جاءت في الوعيد خاصة في بعض أهل الطباق التي جاءت فيهم من القاتلين والقاذفين وأكلة أموال الأيتام وأشباه ذلك وأجزنا أن تكون عامة في جميعهم وإن كانت في بعضهم كانت في أعظمهم جرماً وليس يجوز عندهم أن يعذب الله - سبحانه - على جرم ويعفو عما هو أعظم جرماً منه.
٥ - وزعمت الفرقة الخامسة من المرجئة أنه ليس في أهل الصلاة وعيد إنما الوعيد في المشركين قالوا: وقول الله -عز وجل-: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً}[النساء: ٩٣] وما أشبه ذلك من آي الوعيد في المستحلين دون المحرمين قالوا: فأما الوعد من الله فهو واجب للمؤمنين والله جل وعز لا يخلف وعده والعفو أولى بالله والوعد لهم قول الله: {َالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ}[الحديد: ١٦]{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه}[الزمر: ٥٣] وما أشبه ذلك من آي القرآن وزعم هؤلاء أنه كما لا ينفع مع الشرك عمل كذلك لا يضر مع الإيمان عمل ولا يدخل النار أحد من أهل القبلة.
٦ - وحكي عن بعض العلماء باللغة أنه قال: من أخبر الله أنه يثيبه أثابه ومن أخبر أنه يعاقبه من أهل القبلة لم يعاقبه ولم يعذبه وذلك يدل على كرمه وزعم أن العرب كانت تمتدح الوعد والعفو عما توعدت عليه.
٧ - وزعمت الفرقة السابعة أن القرآن على الخصوص إلا ما أجمعوا على عمومه وكذلك الأمر والنهي.