واختلفت المعتزلة هل يقال لله علم وقدرة أم لا؟ وهم أربع فرق:
١ - فالفرقة الأولى منهم يزعمون أنا نقول للبارئ علماً ونرجع إلى أنه عالم ونقول له قدرة ونرجع إلى أنه قادر لأن الله - سبحانه - أطلق العلم فقال:{أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ}[النساء: ١٦٦] وأطلق القدرة فقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً}[فصلت: ١٥] ولم يطلقوا هذا في شيء من صفات الذات ولم يقولوا حياة بمعنى حي ولا سمع بمعنى سميع وإنما أطلقوا ذلك في العلم والقدرة من صفات الذات فقط والقائل بهذا النظام وأكثر معتزلة البصريين وأكثر معتزلة البغداديين.
٢ - والفرقة الثانية منهم يقولون: لله علم بمعنى معلوم وله قدرة بمعنى مقدور وذلك أن الله قال: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ}[البقرة: ٢٥٥] أراد: من معلومه والمسلمون إذا رأوا المطر قالوا: هذه قدرة الله أي مقدوره ولم يقولوا ذلك في شيء من صفات الذات إلا في العلم والقدرة.
٣ - والفرقة الثالثة منهم يزعمون أن لله علماً هو هو وقدرة هي هو وحياة هي هو وسمعاً هو هو وكذلك قالوا في سائر صفات الذات والقائل بهذا القول أبو الهذيل وأصحابه.
٤ - والفرقة الرابعة منهم يزعمون أنه لا يقال: لله علم ولا يقال: قدرة ولا يقال: سمع ولا بصر ولا يقال: لا علم له ولا لا قدرة له وكذلك قالوا في سائر صفات الذات والقائل بهذه المقالة العبادية أصحاب عباد بن سليمان.