واختلفوا: هل كان يجوز أن يقلب الله تعالى اللغة فيسمي نفسه جاهلاً بدلاً من تسميته عالماً؟
١ - فجوز ذلك قوم.
٢ - وقال عباد: لا يجوز أن يقلب الله اللغة ولا يجوز أن يسمي نفسه بغير هذه الأسماء.
٣ - وكان الجبائي يزعم أن معنى القول: إن الله عالم معنى القول أنه عارف وأنه يدري الأشياء وكان يسميه عالماً عارفاً دارياً وكان لا يسميه فهماً ولا فقيهاً ولا موقناً ولا مستبصراً ولا مستبيناً: لأن الفهم والفقه هو استدراك العلم بالشيء بعد أن لم يكن الإنسان به عالماً وكذلك قول القائل: أحسست بالشيء وفطنت له وشعرت به معناه هذا واليقين هو العلم بالشيء بعد الشك ومعنى العقل إنما هو المنع عنده وهو مأخوذ من عقال البعير وإنما سمي علمه عقلاً من هذا.
قال: فلما لم يجز أن يكون البارئ ممنوعاً لم يجز أن يكون عاقلاً وليس معنى عالم عنده معنى عاقل والاستبصار والتحقق هو العلم بعد الشك.
وكان يزعم أن البارئ يجد الأشياء بمعنى يعلمها.
وكان يزعم أن البارئ لم يزل عالماً قادراً حياً سميعاً بصيراً ولا يقول لم يزل سامعاً مبصراً ولا يقول لم يزل يسمع ويبصر ويدرك لأن ذلك يعدى إلى مسموع ومبصر ومدرك.
وكان يقول: إن الوصف لله بأنه سامع مبصر من صفات الذات وإن كان لا يقال لم يزل سامعاً مبصراً كما أن وصفنا له بأنه عالم بأن زيداً مخلوق من صفات الذات وإن كان لا يقال لم يزل عالماً بأنه يخلق.
قال: وقد نقول سميع بمعنى يسمع الدعاء ومعناه يجيب الدعاء وهو من صفات الفعل.
وكان يقول: إن البارئ لم يزل رائياً بمعنى لم يزل عالماً ويقول يرى نفسه بمعنى يعلمها.
وكان يزعم أن البارئ لم يزل عالماً ولا يقول: لم يزل رائياً بمعنى لم يزل