واختلفوا في المتولد إذا بعد من السبب: هل يكون هو المسبب الأول كالإنسان يرمي نفسه في نار أضرمها غيره أو يطرح نفسه على حديدة نصبها غيره أو يعترض سهماً قد رمى به غيره بطفل حتى يدخل فيه. ١ - فقال كثير من المثبتين للتولد: الإحراق فعل لمن رمى بنفسه في النار والقتل لمن وقع على الحديدة المنصوبة والقتل فعل لمن اعترض السهم بالطفل وعبر بعض هؤلاء عن دخول السهم في جسد الإنسان فقال: أنا حركة السهم في نفسه ففعل الرامي وأم الشق الحادث في الصبي ففعل من اعترض السهم به إلا أن يكون المعترض للسهم بالطفل أزال السهم عن جهته التي كانت يهذب فيها موضعه فذلك فعله وإن لم يكن منه إلا نصب الصبي فحركة السهم فعل الرامي.
قال: فإن نفذ السهم الصبي فأصاب شيئاً آخر كان الشيء الآخر قصته كقصة الصبي الذي اعترض السهم به من غير قصد الرامي فحكمه حكم واحد وإن كان السهم نفذ وأصاب شيئاً قد كان في ذلك المكان قبل إرسال السهم فذلك فعل الرامي وهذا قول الإسكافي.
٢ - وقال قائلون: ذلك فعل للرامي بالسهم والمضرم للنار والناصب للحديدة.
وأفرط بعض هؤلاء في القول حتى زعموا أن إنساناً لو هجم عليه إنسان وهو فاتح لبصره فأدركه أن الإدراك فعل للهاجم عليه دون الفاتح لبصره.
٣ - وقال قائلون: دخول السهم في جسد المعترض له فعل للرامي فأما الإحراق فهو فعل لمن زج نفسه في النار والقتل لمن رمى بنفسه على الحديدة المنصوبة.