١ - فقال بشر بن المعتمر ومن قال بقوله: عند الله - سبحانه! - لطف لو فعله بمن يعلم أنه لا يؤمن لآمن وليس يجب على الله - سبحانه! - فعل ذلك ولو فعل الله - سبحانه! - ذلك اللطف فآمنوا عنده لكانوا يستحقون من الثواب على الإيمان الذي يفعلونه عند وجوده ما يستحقونه لو فعلوه مع عدمه وليس على الله - سبحانه! - أن يفعل بعباده أصلح الأشياء بل ذلك محال لأنه لا غاية ولا نهاية لما يقدر عليه من الصلاح وإنما عليه أن يفعل بهم ما هو أصلح لهم في دينهم وأن يزيح عللهم فيما يحتاجون إليه لأداء ما كلفهم وما تيسر عليهم مع وجوده العمل بما ليس هم به وقد فعل ذلك بهم وقطع مننهم.
٢ - وكان جعفر بن حرب يقول أن عند الله لطفاً لو أتى به الكافرين لآمنوا اختياراً إيماناً لا يستحقون عليه من الثواب ما يستحقونه مع عدم اللطف إذا آمنوا والأصلح لهم ما فعل الله بهم لأن الله لا يعرض عباده إلا لأعلى المنازل وأشرفها وأفضل الثواب وأكثره.
وذكر عنه أنه رجع عن هذا القول إلى قول أكثر أصحابه.
٣ - وقال جمهور المعتزلة: ليس في مقدور الله - سبحانه! - لطف لو فعله بمن علم أنه لا يؤمن آمن عنده وأنه لا لطف عنده لو فعله بهم لآمنوا فيقال يقدر على ذلك ولا يقدر عليه وأنه لا يفعل بالعباد كلهم إلا ما هو أصلح لهم في دينهم وأدعى لهم إلى العمل بما أمرهم به وأنه لا يدخر عنهم شيئاً يعلم أنهم يحتاجون إليه في أداء ما كلفهم أداءه إذا فعل بهم أتوا بالطاعة التي يستحقون عليها ثوابه الذي وعدهم.
وقالوا في الجواب عن مسألة من سألهم:"هل يقدر الله - سبحانه! - أن يفعل بعباده أصلح مما فعله بهم؟ " إن أردت أنه يقدر على أمثال الذي هو أصلح فالله يقدر على أمثاله على ما لا غاية له ولا نهاية وإن أردت يقدر على شيء أصلح من هذا أي يفوقه في الصلاح قد ادخره عن عباده فلم يفعله بهم مع علمه بحاجتهم إليه في أداء ما كلفهم فإن أصلح الأشياء هو الغاية ولا شيء يتوهم وراء الغاية فيقدر عليه أو يعجز عنه.
٤ - وقال محمد بن عبد الوهاب الجبائي: لا لطف عند الله - سبحانه - يوصف بالقدرة على أن يفعله بمن علم أنه لا يؤمن فيؤمن عنده وقد فعل الله بعباده ما هو أصلح لهم في دينهم ولو كان في معلومه شيء يؤمنون عنده أو يصلحون به ثم لم يفعله بهم لكان مريداً لفسادهم غير أنه يقدر أن يفعل بالعباد ما لو فعله بهم ازدادوا طاعة فيزيدهم ثواباً وليس فعل ذلك واجباً عليه ولا إذا تركه كان عابثاً في الاستدعاء لهم إلى الإيمان.