للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٠١ - حكم تعارض النصين

واختلفوا في الآيتين لكل واحدة منهما حكم مخالف لحكم الأخرى مما قد يجوز أن يجتمع حكمهما على اختلافه على إنسان في وقتين ويتنافيان في وقت واحد كقول الله -عز وجل-: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: ١٨٠] فحكم الله - سبحانه - قبل المواريث أن يوصي الرجل عند موته بماله لوالديه وأقربائه ثم حكم للوالدين بالميراث في فرضه المواريث ثم قال: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١١].

١ - فقال قوم: نسخت آية المواريث للوالدين آية الوصية لهما وهم الذين قالوا لا ينسخ القرآن إلا قرآن.

٢ - وقال مخالفوهم: ليست آية المواريث للوالدين بناسخة لآية الوصية لهما وإنما نسخت آية الوصية لهما سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي قوله: "لا وصية لوارث" ولولا سنته بذلك كانت الوصية للوالدين على حالها جائزة لأن الله - سبحانه - إنما حكم بالمواريث لأهلها من الوالدين وغيرهما من بعد وصية يوصي بها الرجل أو دين ولولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه "لا وصية لوارث" كان للرجل إذا احتضر أن يوصي بماله لوالديه لأن الله ذكر ميراثهما من بعد وصية يوصي بها أو دين فإن لم يوص لهما كان لهما الميراث بآية الموارثة.

وقال أهل هذه المقالة: إنما الناسخ والمنسوخ ما ينفي حكم الناسخ حكم المنسوخ أن يحكم به على عين واحدة في حال واحدة أو في حالين لتنافي ذلك في المعنى كقوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] وقال: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: ٤] فجعل عدة اللواتي حضن الأقراء واللائي لم يحضن لصغر أو كبر الشهور ثم نسخ من هؤلاء المطلقات التي لم يدخل بهن فقال: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: ٤٩] فخرجن اللواتي لم يدخل بهن من حكم الآيتين جميعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>