للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - وكان بعضهم يزعم أن الله يقدر أن يفعل العدل وخلافه والصدق وخلافه ولا يقول: يقدر أن يظلم ويكذب قال صاحب هذا الجواب: إن قال قائل: هل معكم أمان من أن يفعله؟ قال: نعم هو ما أظهر من أدلته على أنه لا يفعله فإذا قيل له: أفيقدر أن يفعله مع الدليل على أن لا يفعله أجاب بأنه قادر على أن يفعله مع الدليل مفرداً من الدليل لئلا يتوهم الدليل دليلاً والظلم واقعاً وكذلك إذا قيل له: لو فعله مع الدليل على أنه لا يفعله وفعل الظلم وزعم أن الظلم لو وقع لكانت العقول بحالها وكانت الأشياء التي يستدل بها أهل العقول غير هذه الأشياء الدالة في يومنا هذا وكانت تكون هي هي ولكن على خلاف هيئاتها ونظمها واتساقها التي هي اليوم عليه وهذا قول جعفر بن حرب.

٦ - وكان الإسكافي يقول: يقدر الله على الظلم إلا أن الأجسام تدل بما فيها من العقول والنعم التي أنعم بها على خلقه على أن الله لا يظلم والعقول تدل بأنفسها على أن الله ليس بظالم وليس يجوز أن يجامع الظلم ما دل لنفسه على أن الظلم لا يقع من الله.

وكان إذا قيل له: فلو وقع الظلم منه كيف كانت تكون القصة قال: يقع والأجسام معراة من العقول التي دلت بأنفسها وأعينها على أن الله لا يظلم.

٧ - وكان هشام الفوطي وعباد بن سليمان إذا قيل لهما: لو فعل الله - سبحانه - الظلم كيف كانت تكون القصة؟ أحالا هذا القول وقالا: إن أراد القائل بقوله لو الشك فليس عندنا شك في أن الله لا يظلم وإن أراد بقوله لو النفي فقد قال أن الله لا يجور ولا يظلم فليس يسوغ أن يقال لو ظلم البارئ جل جلاله.

<<  <  ج: ص:  >  >>