للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وكان علي الأسواري يحيل أن يقرن القول: "أن الله يقدر على الشيء أن يفعله" بالقول: "أنه عالم أنه لا يكون وأنه قد أخبر أنه لا يكون" وإذا أفرد أحد القولين من الآخر كان الكلام صحيحاً وقيل: أن الله - سبحانه - قادر على ذلك الشيء أن يفعله.

٣ - وقال عباد بن سليمان: ما علم أنه لا يكون لا أقول أنه قادر على أن يكون ولكن أقول: قادر عليه كما أقول: الله عالم به ولا أقول أنه عالم بأنه يكون لأن إخباري بأن الله قادر على أن يكون ما علم أنه لا يكون إخبار أنه يقدر وأنه يكون وكان إذا قيل له: فهل يفعل الله ما علم أنه لا يفعله أحال القول.

٤ - وكان الجبائي إذا قيل له: لو فعل القديم ما علم أنه لا يكون وأخبر أنه لا يكون كيف كان يكون العلم والخبر أحال ذلك وكان يقول مع هذا أنه لو آمن من علم الله أنه لا يؤمن لأدخله الجنة وكان يزعم أنه إذا وصل مقدور بمقدور صح الكلام كقوله: لو آمن الإنسان لأدخله الله الجنة وإنما الإيمان خير له {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا} [الأنعام: ٢٨] فالرد مقدور عليه فقال: لو كان الرد مقدوراً منهم لكان عود مقدور.

وكان يزعم أنه إذا وصل محال بمحال صح الكلام كقول القائل: لو كان الجسم متحركاً ساكناً في حال لجاز أن يكون حياً ميتاً في حال وما أشبه ذلك وكان يزعم أنه إذا وصل مقدور بما هو مستحيل استحال الكلام كقول القائل: لو آمن من علم الله وأخبر أنه لا يؤمن كيف كان يكون العلم والخبر وذلك أنه إن قال: كان لا يكون الخبر عن أنه يؤمن سابقاً بأن لا يكون كان الخبر الذي قد كان بأنه لا يؤمن وبأن لا يكون لم يزل عالماً استحال الكلام لأنه يستحيل أن لا يكون ما قد كان بأن لا يكون كان.

ويستحيل أن لا يكون البارئ عالماً بما لم يزل عالماً به بأن لا يكون لم يزل عالماً وإن قال: كان يكون الخبر عن أنه لا يكون والعلم بأنه لا يكون ثابتاً صحيحاً وإن كان الشيء الذي علم وأخبر أنه لا يكون استحال الكلام وإن قال: كان الصدق ينقلب كذباً والعلم ينقلب جهلاً استحال الكلام فلما كان المجيب على هذه الوجوه على أي وجه أجاب عن السؤال استحال كلامه لم يكن الوجه في الجواب إلا نفس إحالة سؤال السائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>