وما لم يكن الشيء لم يوصف بأنه عالم به لأن الشيء ليس وليس يصح العلم بما ليس.
٢ - وقال فريق آخر: أن الله لم يزل عالماً والعلم صفة له في ذاته ولا يوصف بأنه عالم بالشيء حتى يكون كما أن الإنسان موصوف بالبصر والسمع ولا يقال: أنه بصير بالشيء حتى يلاقيه ولا سميع له حتى يرد على سمعه وكما يقال: الإنسان عاقل ولا يقال: عقل الشيء ما لم يرد عليه.
٣ - وقال "شيطان الطاق": أن الله لا يعلم شيئاً حتى يؤثر أثره ويقدره والتأثير عندهم التقدير والتقدير لإرادة فإذا أراد الشيء فقد علمه وإذا لم يرد فلم يعلمه ومعنى أراده عندهم أنه تحرك حركة هي إرادة فإذا تحرك تلك الحركة علم الشيء وإلا لم يجز الوصف له بأنه عالم به وزعموا أنه لا يوصف بالعلم بما لا يكون.
٤ - وقال قائلون: لا يعلم الشيء حتى يحدث الإرادة فإن أحدث الإرادة لأن يكون كان عالماً بأنه يكون وإن أحدث الإرادة لأن لا يكون كان عالماً بأنه لا يكون وإن لم يحدث إرادة لأن يكون ولا إرادة لأن لا يكون لم يكن عالماً بأنه يكون ولا عالماً بأنه لا يكون.
٥ - ومن الروافض من يقول: معنى أن الله يعلم معنى أنه يفعل فإن قيل لهم فلم يزل عالماً بنفسه قال بعضهم: لم يكن يعلم نفسه حتى فعل العلم لأنه قد كان ولما يفعل وقال بعضهم: لم يزل يعلم نفسه فإن قيل لهم: فلم يزل يفعل قالوا: نعم ولم يقولوا بقدم الفعل.
٦ - ومن الروافض من يقول أن الله تبدو له البدوات وأنه يريد أن يفعل ثم لا يفعل لما يحدث له من البداء.
٧ - وقال بعض الروافض: ما علمه الله - سبحانه - أنه يكون وأطلع عليه أحداً من خلقه فلا يجوز أن يبدو له فيه وما علمه ولم يطلع عليه أحداً من خلقه فجائز أن يبدو له فيه.
٨ - وقال بعضهم: جائز عليه البدء فيما علم أنه يكون وأخبر أنه يكون حتى لا يكون ما أخبر أنه.
٩ - وقالت طائفة من أهل التشبيه أن الله يعلم ما يكون قبل أن يكون إلا أعمال العباد فإنه لا يعلمها إلا في حال كونها لأنه لو علم من يطيع ممن يعصي حال بين العاصي وبين المعصية.