٣ - وقال قائلون: معنى الجسم أنه مؤتلف وأقل الأجسام جزءان ويزعمون أن الجزأين إذا تألفا فليس كل واحد منهما جسماً ولكن الجسم هو الجزءان جميعاً وأنه يستحيل أن يكون التركيب في واحد والواحد يحتمل اللون والطعم والرائحة وجميع الأعراض إلا التركيب وأحسب هذا القول للإسكافي.
وزعموا أن قول القائل:"يجوز أن يجمع إليهما ثالث"، خطأ محال لأن كل واحد منهما مشغل لصاحبه وإذا أشغله لم يكن للآخر مكان لأنه إن كان جزءان مكانهما واحد فقد ماس الشيء أكثر من قدره ولو جاز ذلك جاز أن تكون الدنيا تدخل في قبضة فلهذا قال:"لا يماس الشيء أكثر من قدره" وهذا قول أبي بشر صالح بن أبي صالح ومن وافقه.
٤ - وقال أبو الهذيل: الجسم هو ما له يمين وشمال وظهر وبطن وأعلى وأسفل وأقل ما يكون الجسم ستة أجزاء أحدهما يمين والآخر شمال وأحدهما ظهر والآخر بطن وأحدهما أعلى والآخر أسفل وأن الجزء الواحد الذي لا يتجزأ يماس ستة أمثاله وأنه يتحرك ويسكن ويجامع غيره ويجوز عليه الكون والمماسة ولا يحتمل اللون والطعم والرائحة ولا شيئاً من الأعراض غير ما ذكرنا حتى تجتمع هذه الستة الأجزاء فإذا اجتمعت فهي الجسم وحينئذ يحتمل ما وصفنا.
٥ - وزعم بعض المتكلمين أن الجزأين اللذين لا يتجزأان يحلهما جميعاً التأليف وأن التأليف الواحد يكون في مكانين وهذا قول الجبائي.
٦ - وقال معمر: الجسم هو الطويل العريض العميق وأقل الأجسام ثمانية أجزاء فإذا اجتمعت الأجزاء وجبت الأعراض وهي تفعلها بإيجاب الطبع وأن كل جزء يفعل في نفسه ما يحله من الأعراض وزعم أنه إذا انضم جزء إلى جزء حدث طول وأن العرض يكون بانضمام جزأين إليهما وأن العمق يحدث بأن يطبق على أربعة أجزاء أربعة أجزاء فتكون الثمانية الأجزاء جسماً عريضاً طويلاً عميقاً.
٧ - وقال هشام بن عمر الفوطي: إن الجسم ستة وثلاثون جزءاً لا يتجزأ وذلك أنه جعله ستة أركان وجعل كل ركن منه ستة أجزاء فالذي قال أبو الهذيل: إنه جزء جعله هشام ركناً وزعم أن الأجزاء لا تجوز عليها المماسة وأن المماسات للأركان وأن الأركان التي كل ركن منها ستة أجزاء ليست الستة الأجزاء مماسة ولا مباينة ولا يجوز ذلك إلا على الأركان فإذا كان كذلك