تقول في المقدور؟ فقال: لا أقول أن مقدوراً في الحقيقة لأنه كان يحيل القدرة على الموجود.
وكان الصالحي يقول: القدرة على الشيء في وقته وقبل وقته ومعه وكان يثبته مقدوراً موجوداً في حال كونه.
٧ - وكان ابن الراوندي يقول: إن المعلومات معلومات قبل كونها وأنه لا شيء إلا موجود وأن المأمور به والمنهي عنه وكذلك كل ما تعلق بغيره يوصف به الشيء قبل كونه وكل ما كان رجوعاً إلى نفس الشيء لم يسم ولم يوصف به قبل كونه.
وكان الصالحي يخطئ من قال: إذا ثبت الله عالماً نفيت جهلاً وإذا ثبته قادراً نفيت عجزاً.
وكان يجيز أن يقدر الله -عز وجل- الميت فيفعل وهو ميت غير حي وإذا جاز أن يقدر منا من ليس بحي ويظهر الفعل منا ممن ليس بحي فقد بطلت دلالة أفعال البارئ على أنه حي وبطل أن يدل أنه حي على أنه قادر إذا جاز أن يقدر عنده من ليس بحي.
وبلغني أن سائلاً سأله مرة فقال: من أين علمت أن البارئ حي؟ فلم يأت بجواب مقنع وأن سائلاً سأله فقال: إذا كان معنى أسماء الله لذاته أنه شيء لا كالأشياء فهل يجوز أن يسمي نفسه جاهلاً بدلاً من تسميته عالماً واللغة بحالها إذا كان لا يرجع بقوله لا كالعلماء إلا إلى معنى أنه شيء لا كالأشياء؟ فأجاز ذلك فقال له: وكذلك يسمي نفسه عاجزاً ومواتاً ويسمي نفسه إنساناً ويسمي نفسه حماراً ويسمي نفسه فرساً ومعنى ذلك أنه لا كالأشياء؟ فأجاز ذلك نعوذ بالله من الخذلان المتهور ومن الحور بعد الكور١ ومن الكفر بعد الإيمان.
وبلغني أن أبا الحسين سأله سائل فقال له: إذا قلت أن البارئ متكلم بكلام في غيره فقل: يسكت بسكوت في غيره! فقال: كذلك أقول فوصف الله - سبحانه - بالسكوت.
٨ - وأما البغداديون فيقولون أن البارئ لم يزل عالماً كبيراً قادراً حياً سميعاً بصيراً إلهاً قديماً عزيزاً عظيماً غنياً جليلاً واحداً أحداً فرداً سيداً مالكاً رباً قاهراً رفيعاً عالياً كائناً موجوداً أولاً باقياً رائياً مدركاً سامعاً مبصراً بنفسه لا بعلم
١ الحور والكور: الحور: الرجوع عن الشيء إلى الشيء والكور: الزيادة. وفي الحديث: نعوذ بالله من الحور بعد الكور أي: النقصان بعد الزيادة. وقيل: من فساد أمورنا بعد صلاحها.