أصلح لأنه أولى به ولأنه لم يخلق الخلق لحاجة به إليهم وإنما خلقهم لأن خلقه لهم حكمة وإنما أراد منفعتهم وليس ببخيل تبارك وتعالى فمن ثم لم يجز أن يدع ما هو أصلح ويفعل ما هو دون ذلك غير أنه يقدر على دون ما صنع ومثله لأنه غير عاجز ولو لم يوصف أنه قادر على ذلك لكان يوصف بالعجز وهذا قول أبي الهذيل.
٩ - وقال أهل الإثبات: ما يقدر الله - سبحانه - عليه من اللطف لا غاية له ولا نهاية ولا لطف يقدر عليه إلا وقد يقدر على ما هو أصلح منه وعلى ما هو دونه وليس كل من كلفه لطف له وإنما لطف للمؤمنين ومن لطف له كان مؤمناً في حال لطف الله - سبحانه - له لأن الله لا ينفع أحداً إلا انتفع. وزعموا أن الله - سبحانه - قد كلف قوماً لم يلطف لهم.
وزعموا أن القدرة على الطاعة لطف وأن الطاعة نفسها لطف وأن القرآن والأدلة كلها لطف وخير للمؤمنين وهي عمى وشر وبلاء وخزي على الكافرين.
١٠ - وقال آخرون: ما يقدر الله تعالى عليه من الصلاح له كل وغاية ولا شيء أصلح مما فعل ويقدر على ما هو دونه ولا يقال يقدر على ما هو أصلح مما فعل ولا مثله لأنه لو قدر على مثله - زعموا - لم يكن ما فعل أصلح الأمور وقالوا: لو قدر على ما هو أصلح مما فعل فلم يفعل كان قد بخل وقالوا: لا يجوز أن يأمر العباد بغير ما أمرهم به.
١١ - وقال آخرون: ما يقدر عليه من الاستصلاح له كل وجميع ولا استصلاح إلا ما فعل أو يفعل ولا يقال يقدر على أصلح مما فعل ولا على مثله ولا على صلاح دون ما فعل لأن الله -عز وجل- لا يدع صلاحاً إلا فعله لأنه ليس ببخيل فيمنع نعمة ويدخر فضيلة وأنه لا يموت العبد إلا ولم يبق له صلاح إلا فعله به.