للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤ - وقالت طائفة أخرى من هؤلاء: القرآن عرض والأعراض عند هؤلاء قسمان فقسم منها يفعله الأحياء وقسم آخر يفعله الأموات في الحقيقة ومحال أن يكون ما يفعله الأحياء فعلاً للأموات أو ما يفعله الأموات فعلاً للحي ثم القرآن عندهم مفعول وهو عرض ومحال أن يكون الله فعله في الحقيقة لأنهم صرحوا بأن الأجسام تفعل أعراضها وأنه محال أن تكون الأعراض خلقاً لله -عز وجل- في الحقيقة فكيف بالقرآن.

١٥ - وقالت طائفة: القرآن عرض وهو حروف مؤلفة مسموعة محال أن تقوم بالله - سبحانه - ولكنها قائمة بالأجسام القائمات بالله -عز وجل- وهو مع هذا عند هؤلاء مخلوق قائم باللوح المحفوظ مرئي فإذا تلاه تال أو حفظه حافظ أو كتبه كاتب فإن كل تال وكل كاتب وحافظ ينقله بتلاوته وخطه وحفظه فلو كان الذين يتلونه ويكتبونه ويحفظونه في كل مكان من السموات العلى والأرضين السفلى وما بينهما وكانوا بعدد النجوم والرمل والثرى فكلهم ينقل القرآن بعينه من اللوح المحفوظ إليه حيث كان وهو مع ذلك في اللوح قائم ماكث قد نقله من لا يحصي عددهم إلا الله في الأماكن كلها في حال واحدة وفي أحوال فهو عندهم حكمه خلاف حكم غيره من كل مفعول من الأعراض خارج من المعقولات لأنه كلام الله - زعموا - فهو خارج من حكم غيره من الخلق ولأنه إن لم يكن هكذا لم يسمع أحد كلام الله - سبحانه - على الحقيقة.

١٦ - وقالت طائفة أخرى مثل هذا غير أنهم زعموا أن القرآن هو الحروف نعني التأليف.

ثم اختلف هؤلاء في باب آخر:

١٧ - فقالت طائفة منهم: إن القرآن لما كان أعراضاً هو الحروف فمحال أن يفعل أحد حرفاً أو يحكيه أبداً ولكن الحروف ينقلها القارئون والكاتبون والحافظون إليهم نقلاً فتكون مع كل قارئ وكاتب وحافظ وهذا عند هؤلاء في القرآن وفي غيره من كلام الناس.

١٨ - وقال آخرون: أما في تلاوة القرآن فهكذا ولكن قد يجوز أن نحكي الحروف من كلام الناس الذي ليس بتلاوة القرآن وكلام الناس يحكى وكلام الله -عز وجل- محال أن يحكى فيما زعموا ولكنه يقرأ وينقل الحروف القارئ له إليه بقراءته على ما وصفنا.

انقضت حكاية جعفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>