شرِيف النَّفس، موفور الْحَظ من الْعلم، عدلا، نزيهاً، سرياً، فَاضلا، جَلِيلًا، بارع الْأَدَب. توفّي سنة ٥١٩. ذكره ابْن عَسْكَر، وَأثْنى على تأليفه الْمَذْكُور. وَذكره ابْن الزبير وَابْن عبد الْملك.
ذكر القَاضِي أبي الْفضل عِيَاض الْيحصبِي
وَمن الْقُضَاة بغرناطة، فِي حُدُود ٥٣٠، عِيَاض بن مُوسَى بن عِيَاض الْيحصبِي من أهل سبتة. وَذكره فِي صلته خلف بن عبد الْملك بن شكوال؛ فَقَالَ فِيهِ: يكنى أَبَا الْفضل. قدم الأندلس طَالبا للْعلم؛ فَأَخذه بقرطبة عَن القَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد ابْن عَليّ بن حمدين، وَأبي الْحُسَيْن سراج بن عبد الْملك بن سراج، وَعَن شَيخنَا أبي مُحَمَّد ابْن عتاب وَغَيرهم. أجَاز لَهُ أَبُو عَليّ الغساني مَا رَوَاهُ. وَأخذ بالشرق عَن القَاضِي أبي عَليّ حسن بن مُحَمَّد الصَّدَفِي كثيرا، وَعَن غَيره؛ وعني بلقاء الشُّيُوخ وَالْأَخْذ عَنْهُم؛ وَجمع من الحَدِيث كثيرا. وَله عناية كَبِيرَة بِهِ، واهتمام بجمعه وتقييده. وَهُوَ من أهل الْيَقِين فِي الْعلم والذكاء واليقظة والفهم. واستقضى بِبَلَدِهِ مُدَّة طَوِيلَة؛ فحمدت سيرته فِيهَا. ثمَّ تولى عَنْهَا إِلَى قَضَاء غرناطة؛ فَلم يطلّ أمده بهَا وَقدم علينا قرطبة فِي ربيع الآخر سنة ٥٣١، وأخذنا عَنهُ بعض مَا عِنْده. وسمعته يَقُول: سَمِعت القَاضِي أَبَا عَليّ حسن بن مُحَمَّد الصَّدَفِي يَقُول: سَمِعت الإِمَام أَبَا مُحَمَّد التَّمِيمِي بِبَغْدَاد يَقُول: مَا لكم تأخذون الْعلم عَنَّا وتستفيدونه منا؟ ثمَّ لَا تترحمون علينا {فرحم الله جَمِيع من أَخذنَا عَنهُ من شُيُوخنَا وَغَيرهم} ثمَّ كتب إِلَى القَاضِي أبي الْفضل بِخَطِّهِ يذكر أَنه ولد فِي منتصف شعْبَان من سنة ٤٧٦. وَتُوفِّي رَحمَه الله بمراكش، مغرباً عَن وَطنه، وسط سنة ٥٤٤. قلت: وَسكن القَاضِي أَبُو الْفضل بمالقة مُدَّة، وتمول بهَا أملاكا، وَأَصله من مَدِينَة بسطة. ذكر ذَلِك حفيده فِي الْجُزْء الَّذِي صنفه فِي التَّعْرِيف بِهِ وبتواليفه وَبَعض أخباره وخطبه تغمدنا الله وأياه برحمه