أَبُو جَعْفَر بن الزبير، وأتبع ليقْتل؛ فَأَفلَت، ولاذ بأمير الْمُسلمين، السُّلْطَان، الْمُؤَيد الْمَنْصُور، أبي عبد الله الْمَدْعُو بالفقيه رَحمَه الله وأرضاه {فحاول على الْفَزارِيّ حَتَّى تحصل فِي حكمه، وَأمر بقتْله وصلبه؛ فَقتل بغرناطة على كفره، هُوَ وَبَعض أَصْحَابه. وَقد أَشَارَ إِلَى مَا نبهنا عَلَيْهِ الشَّيْخ القَاضِي الرِّوَايَة الْمُحدث، الْوَزير المشاور، أَبُو عَامر بن عبد الله بن قَاضِي الْجَمَاعَة أبي عَامر بن ربيع، فِي كِتَابه الْمُسَمّى ب تنظيم الدّرّ فِي ذكر عُلَمَاء الدَّهْر. وَالَّذِي وَقع فِي الْكتاب الْمُسَمّى بعد اسْم أبي عَليّ بن الْحسن، من أَوله إِلَى آخِره، مَا هُوَ نَصه: الْحسن بن مُحَمَّد الجذامي من أهل مالقة، من أعيانها وَجلة بيوتها، يعرف بالنباهي، ويكنى أَبَا عَليّ. أَخذ بمالقة عَن شيوخها. وَكَانَ رَحمَه الله} صَالحا، فَاضلا، دينا، صليباً فِي الْحق، فامتحن فِي الله تَعَالَى، وقيامه بِالْحَقِّ، بِالضَّرْبِ وَالنَّفْي عَن بَلَده نَفعه الله {وَاسْتقر بِمَدِينَة فاس، تَحت تكرمه ومبرة، يتَوَلَّى عقد الوثائق، ويحترف بهَا. وَكَانَ من جلة الْعُدُول. ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده مالقة، عِنْد خُرُوج بني أشقيلولة مِنْهَا، وَأقَام بهَا بَقِيَّة عمره، يتعيش من فائد بقايا أملاكه بهَا. ودعى إِلَى الخطابة بجامعها الْأَعْظَم؛ فَأبى. وَقضى أَيَّامًا يسيرَة، واستعفى. توفّي رَحمَه الله} فِي حُدُود سنة ٧٠٠.
ذكر القَاضِي أبي جَعْفَر المزدغي وَبَعض قُضَاة فاس بعده
وَمن أهل الْمغرب؛ الشَّيْخ الْفَقِيه أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن المزدغي. ولي الْقَضَاء بِحَضْرَة فاس، بعد تمنع، واباية، وعزم عَلَيْهِ من الْخَلِيفَة؛ فَسَار فِيهِ بأجمل سيرة من الْعدْل، وَالْفضل، والاشتداد على أهل الجاه. وامتدت ولَايَته، إِلَى أَن توفّي عَام ٦٦٩. فولى مَكَانَهُ أَبُو عبد الله بن عمرَان، ثمَّ استعفى لزمان قريب، فَتقدم بدله بفاس شيخ طلبتها إِذْ ذَاك، وخطيب خلافتها، الْفَقِيه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي الصَّبْر أَيُّوب؛ وَكَانَ فِي زَمَانه وَاحِد قطره عَدَالَة، وجلالة، وصلاحاً، وفضلاً، وَهُوَ أَيْضا مِمَّن لم يَأْخُذ على الْقَضَاء أجرا، وَنَجَا فِيمَا يخْتَص بِهِ الجراية منحى سَحْنُون بن سعيد فِي وقته، وَطلب