للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رجل فَأخْبرهُ بقدوم القعْنبِي؛ فَقَالَ: مَتى فَقرب قدومه فَقَالَ: قومُوا بِنَا إِلَى خير أهل الأَرْض نسلم عَلَيْهِ {. فَقَامَ، فَسلم عَلَيْهِ. وَكَانَ مَالك، إِذا جلس، قَالَ ليلني مِنْكُم ذَوُو الأحلام وَالنَّهْي} فَرُبمَا جلس القعْنبِي عَن يَمِينه. وَهُوَ أحد عباد الْبَصْرَة فِي زَمَانه. قَالَ أَحْمد بن الْهَيْثَم: كُنَّا إِذا أَتَيْنَا القعْنبِي، خرج إِلَيْنَا؛ فنراه كَأَنَّهُ مشرف على جَهَنَّم {وَتُوفِّي بِمَكَّة سنة ٢٢٠ أَو ٢٢١. وَفِي الِاسْتِيعَاب عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا " أَنَّهَا قَالَت مَا رَأَيْت أحدا كَانَ أشبه كلَاما أَو حَدِيثا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم} من فَاطِمَة؛ وَكَانَت إِذا دخلت عَلَيْهِ، قَامَ لَهَا، فقبلها ورحب بهَا، كَمَا كَانَت تصنع هِيَ بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَفِي هَذَا الْقدر من الْكَلَام على مَسْأَلَة الْقيام الْكِفَايَة.

ذكر عبد السَّلَام بن سعيد بن حبيب الملقب بسحنون قَاضِي إفريقية

وَتقدم لولاية الْقَضَاء بإفريقية، بعد ابْن غَانِم بِزَمَان، أحد الآخذين الْعلم بهَا عَنهُ، وَهُوَ عبد السَّلَام بن سعيد بن حبيب التنوخي الملقب بسحنون؛ وَذَلِكَ سنة ٢٣٤. قَالَ عِيَاض بن مُوسَى، وَمن خطه نقلت: وسنه إِذْ ذَاك أَربع وَسَبْعُونَ سنة. فَلم يزل قَاضِيا إِلَى أَن مَاتَ. ثمَّ ذكر عَن أبي الْعَرَب أَنه قَالَ: لما عزل ابْن أبي الْجواد، قَالَ سَحْنُون: اللَّهُمَّ {ولِّ هَذِه الْأمة خَيرهَا وأعدلها} فَكَانَ هُوَ الَّذِي ولي بعده. وَقَالَ: لم أكد أرى قبُول هَذَا الْأَمر حَتَّى كَانَ من الْأَمِير مَعْنيانِ، أَحدهَا: أَعْطَانِي كل مَا طلبت، وَأطلق يَدي فِي كل مَا رغبت، حَتَّى أَنِّي قلت أبدأ بِأَهْل بَيْتك وقرابتك وأعوانك؛ فَإِن قبلهم ظلامات للنَّاس وأموالاً مُنْذُ زمَان طَوِيل {فَقَالَ لي: نعم} لَا تبدأ إِلَّا بهم، وَأجر الْحق على مفرق رَأْسِي. وجارني من عز مِنْهُ مَعَ هَذَا مَا يخَاف مِنْهُ الْمَرْء على نَفسه، وفكرت؛ فَلم أجد لنَفْسي سَعَة فِي رده. وَلما تمت ولَايَته، سَار حَتَّى دخل على ابْنَته خَدِيجَة؛ وَكَانَت من خِيَار النِّسَاء. فَقَالَ لَهَا: الْيَوْم ذبح أَبوك بِغَيْر سكين! فَعلم النَّاس قبُوله للْقَضَاء؛ ويومئذ

<<  <   >  >>