يكره أَن يُقَام لَهُ؛ فَكَانُوا إِذا رَأَوْهُ، لم يقومُوا لَهُ، لعلمهم بكراهيته لذَلِك. وَإِذا قَامَ إِلَى بَيته، لم يزَالُوا قيَاما حَتَّى يدْخل بَيته. قَالَ لما يلْزمهُم من تَعْظِيمه، قبل علمهمْ بكراهيته لذَلِك. وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام {للْأَنْصَار قومُوا لسيدكم} قيل: تَعْظِيمًا لَهُ، وَهُوَ لَا يُرِيد ذَلِك؛ وَقيل: ليعينوه على النُّزُول عَن الدَّابَّة. وَحكى أَحْمد أَنه كَانَ عِنْد عز الدّين بن عبد السَّلَام، من أَعْيَان عُلَمَاء الشَّافِعِيَّة. فحضرته فتيا: مَا تَقول فِي الْقيام الَّذِي أحدثه النَّاس فِي هَذَا الزَّمَان؟ هَل يحرم، أم لَا؟ فَكتب رَحمَه الله {: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم} : لَا تباغضوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تدابروا {وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا} وَترك الْقيام فِي هَذَا الْوَقْت يفضى للمقاطعة والمدابرة. فَلَو قيل بِوُجُوبِهِ، مَا كَانَ بَعيدا. فقرأتها بعد كِتَابَته وَالنَّاس تحدث لَهُم أَحْكَام بِقدر مَا يحدثُونَ من الْأَحْوَال، من السياسات والمعاملات والاحتياطات؛ وَهِي على القوانين الأول. ثمَّ قَالَ: وَيلْحق بِالْقيامِ النعوت الْمُعْتَادَة وأنواع المكاتبات، على مَا قَرَّرَهُ النَّاس فِي المخاطبات؛ وَهَذَا النَّوْع كثير لم تكن أَسبَابه فِي السّلف، غير أَنه تقرر فِي قَاعِدَته الشَّرْع اعْتِبَارهَا، كَمَا قَالَ الشَّيْخ: فَإِذا وجدت، وَجب اعْتِبَارهَا. انْتهى. وروى بَعضهم أَن مَالِكًا قيل لَهُ: مَا تَقول فِي الرجل يقوم الرجل لَهُ للفضل وَالْفِقْه؟ فيجلسه فِي مَجْلِسه. قَالَ: يكره لَهُ ذَلِك. وَلَا بَأْس أَن يُوسع لَهُ. قيل: فالمرأة تتلقى زَوجهَا، فتبالغ فِي بره وتنزع ثِيَابه ونعليه مَتى يجلس؟ قَالَ: ذَلِك حسن غير قِيَامهَا حَتَّى يجلس. وَهَذَا فعل الْجَبَابِرَة وَرُبمَا كَانَ النَّاس ينتظرونه حَتَّى، إِذا طلع، قَامُوا لَهُ. لَيْسَ هَذَا من فعل الْإِسْلَام فِي شَيْء. وَفعل ذَلِك لعمر بن عبد الْعَزِيز، أول مَا ولي حِين خرج إِلَى النَّاس، فَأنكرهُ، وَقَالَ: إِن تقوموا، نقم {وَإِن تقعدوا} وَإِنَّمَا يقوم النَّاس لرب الْعَالمين {قيل لَهُ: فالرجل يقبل يَد الرجل أَو رَأسه؟ قَالَ: هُوَ من عمل الْأَعَاجِم، لَا من عمل النَّاس} وَنقل أَيْضا عَن مَالك أَنه كَانَ رَحمَه الله! يقوم لتلقي أَصْحَابه عِنْد قدومهم عَلَيْهِ من السّفر. وَمن ذَلِك مَا ذكره القَاضِي أَبُو الْفضل فِي كِتَابه الْمُسَمّى بترتيب المدارك، وتقريب المسالك، وَقد ذكر عبد بن مسلمة بن قعنب التَّمِيمِي. وَمن أَصله الَّذِي بِخَطِّهِ نقلت: قَالَ ابْن رشد فِيمَا حَكَاهُ عَن الْجُهَنِيّ. كُنَّا عِنْد مَالك؛ فَجَاءَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute