ذكر القَاضِي معَاذ بن عُثْمَان الشَّعْبَانِي
وَمِنْهُم معَاذ بن عُثْمَان الشَّعْبَانِي. ولاه الْأَمِير عبد الرَّحْمَن الْقَضَاء، فَأَقَامَ قَاضِيا سَبْعَة عشر شهرا؛ ثمَّ عَزله. وَسبب ذَلِك أَنه كَانَ، على مَا حَكَاهُ ابْن حَارِث، يعجل بالحكومة فأحصى عَلَيْهِ، فِي تِلْكَ الْمدَّة، سَبْعُونَ قَضِيَّة أنفذها، فاستنكرت مِنْهُ. وَخيف عَلَيْهِ الزلل؛ فَجعل عَزله. قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: وَكَانَ عابداً، زاهداً، خيرا.
ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن زِيَاد اللَّخْمِيّ
وَمِنْهُم مُحَمَّد بن زِيَاد اللَّخْمِيّ. سمع من مُعَاوِيَة بن صَالح سَمَاعا كثيرا. وَلما احْتضرَ الْفَقِيه يحيى بن يحيى، أسْند وَصيته فِي أَدَاء دين وَبيع مَال إِلَى ابْن زِيَاد؛ وَكَانَ هُوَ القَاضِي يَوْمئِذٍ؛ فَكَانَ وَصِيّه فِي ذَلِك الْوَجْه خَاصَّة. قَالَ ابْن حَارِث: وَكَانَ السَّبَب فِي عَزله عَن الْقَضَاء مَا كَانَ من أَمر ابْن أخي عجب حظية الْأَمِير الحكم. وَذَلِكَ أَنه شهد عَلَيْهِ بِلَفْظ نطق بِهِ عابثاً فِي يَوْم غيث. فَأمر الْأَمِير عبد الرَّحْمَن بحبسه، وَطلب الشَّهَادَات عَلَيْهِ. وأبرمته عجب عمته فِي إِطْلَاقه؛ وَكَانَت مدلة عَلَيْهِ لمكانها من أَبِيه. فَقَالَ لَهَا: مهلا يَا أُمَّاهُ، فَلَا بُد، وَالله {من أَن نكشف أهل الْعلم عَمَّا يجب عَلَيْهِ فِي لَفظه ذَلِك الَّذِي شهد بِهِ عَلَيْهِ؛ ثمَّ يكون الْفَصْل بعد فِي أمره. فَإنَّا، معشر بني مَرْوَان، لَا تأخذنا فِي الله لومة لائم} وَمَا نرى أَن الله رفع ملكنا، وَجمع بِهَذِهِ الجزيرة فلنا، وَأَعْلَى فِيهَا ذكرنَا، حَتَّى صرنا شجى فِي حلق عدونا، إِلَّا بِإِقَامَة حُدُوده، وإعزاز دينه، وَجِهَاد عدوه، مَعَ مجانبة الْأَهْوَاء المضلة، والبدع المردية. ثمَّ تقدم الْأَمِير عبد الرَّحْمَن إِلَى مُحَمَّد بن السَّلِيم الْحَاجِب أَن يحضر القَاضِي مُحَمَّد بن زِيَاد، وَالْفُقَهَاء بِالْبَلَدِ. فَجَمعهُمْ، وَفِيهِمْ عبد الْملك ابْن حبيب، وَأصبغ بن خَلِيل، وَعبد الْأَعْلَى بن وهب، وَأَبُو زيد بن إِبْرَاهِيم، وَأَبَان ابْن عِيسَى بن دِينَار. فشاورهم فِي أَمر ابْن أخي عجب، وَأخْبرهمْ بِمَا كَانَ من لَفظه. فتوقف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute