فاستبدل بالفقيه المتفنن الْحَافِظ أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد الْمقري بِفَتْح الْمِيم، مَنْسُوب إِلَى مقرة مَوضِع من عمله إطرابلس وَلزِمَ هُوَ منزله، تَحت عناية ورفد جراية، إِلَى وَفَاته رَحمَه الله وَغفر لنا وَله {
ذكر القَاضِي أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم التسولي شَارِح الرسَالَة
وَمِنْهُم الشَّيْخ الْفَقِيه أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى التسولي التازي، تولى خطة الْقَضَاء، وَاسْتعْمل فِي السفارة؛ فحمدت حَالَته، وشكرت سيرته. وَكَانَ صدر فُقَهَاء وقته مُشَاركَة فِي الْفُنُون، وقياماً على الْفِقْه. شرح كتاب الرسَالَة لأبي مُحَمَّد بن أبي زيد شرحاً ممتعاً حسنا؛ وَقيد على الْمُدَوَّنَة مجْلِس الشَّيْخ أبي الْحسن الصَّغِير قَاضِي الْجَمَاعَة بفاس، وَضم أجوبته فِي نوازله فِي سفر. وَكَانَ مَعَ ذَلِك فَارِسًا شجاعاً، جميل الصُّورَة، نبيه الْمُشَاورَة، فاره الْمركب، وجيهاً عِنْد الْمُلُوك: صحبهم وَحضر مجَالِسهمْ. وفلج بآخر عمره، فالتزم منزله بفاس، يزوره السُّلْطَان، فَمن دونه. وتعرفت أَنه نقل إِلَى دَاره من تازة بَلَده؛ فَتوفي بهَا فِي حُدُود ٧٤٩ نفعنا الله بِهِ وَغفر لنا وَله}
ذكر القَاضِي أبي تَمام غَالب بن سيد بونة الْخُزَاعِيّ
وَمن الشُّيُوخ السراة، الْمَذْكُورين بالأندلس فِي الْقُضَاة، أَبُو تَمام غَالب بن حسن بن غَالب بن حسن بن أَحْمد بن يحيى بن سيد بونة الْخُزَاعِيّ. تقدم ذكر جده؛ ولنذكر الْآن نبذة من التَّنْبِيه على سيره، والتعريف بسلفه. فَنَقُول: أصلهم، على مَا تقرر، من بونة الَّتِي بإفريقية، وَهِي الْمُسَمَّاة بِبَلَد الْعنَّاب. وانتقل جده إِلَى الأندلس؛ فاستوطن مِنْهَا وَادي آش من عمل دانية إِلَى أَن استولى الْعَدو على تِلْكَ الْجِهَات؛ فَخرج قومه من مَدِينَة آش إِلَى غرناطة؛ فبنوا بخارجها الربض الْمَعْرُوف بالبيازين، ونشروا مَذْهَبهم فِي الْإِرَادَة؛ وانضم إِلَيْهِم من تَبِعَهُمْ من أهل الْمشرق. وَتقدم الْفَقِيه أَبُو تَمام شَيخا لَهُم، وقاضياً فيهم، وخطيباً بهم؛ فَقَامَ بالأعباء، سالكاً سنَن الصَّالِحين من الإيثار والتسديد