وَقد كتف دَابَّته الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا رَاكِبًا، وَهُوَ رابط الجأش، مُجْتَمع القوى، وَأَنْشَأَ عَلَيْهِ بالركوب وَقَالَ لَهُ: انْصَرف {هَذَا يَوْم الْفَرح} يُشِير، وَالله أعلم، إِلَى قَوْله تَعَالَى فِي الشُّهَدَاء: " فرحين بِمَا آتَاهُم الله من فَضله "؛ وَذَلِكَ ضحى الْإِثْنَيْنِ السَّابِع من جُمَادَى الأولى عَام ٧٤١، عَن غير عقب من الذُّكُور. ومولده فِي أَوَاخِر شهر ذِي الْحجَّة من عَام ٦٧٣.
ذكر القَاضِي عُثْمَان بن مَنْظُور
وَمن الْقُضَاة بمالقة، أَيَّام ابْن بكر بغرناطة، شَيخنَا أَبُو عمر عُثْمَان بن مُحَمَّد بن يحيى بن مُحَمَّد بن مَنْظُور الإشبيلي، أحد بيُوت النباهة بالأندلس. ذكره صَاحب كتاب الْعَائِد فَقَالَ فِيهِ: كَانَ رَحمَه الله! صَدرا فِي عُلَمَاء بَلَده، أستاذاً ممتعاً، من أهل النّظر وَالتَّحْقِيق، ثاقب الذِّهْن، أصيل الْبَحْث، مضطلعاً بالمشكلات، مشاركاً فِي الْفِقْه والعربية، إِلَى أصُول وقراءات وطب ومنطق. قَرَأَ كثيرا، ثمَّ تلاحق بِأَصْحَابِهِ. ثمَّ غبر فِي وُجُوه السوابق. لَازم الْأُسْتَاذ أَبَا مُحَمَّد الْبَاهِلِيّ، وانتفع بِهِ. وَقَرَأَ على الْأُسْتَاذ أبي بكر بن الفخار، وَتزَوج زَيْنَب ابْنة الْفَقِيه المشاور أبي عَليّ بن الْحسن؛ فاستقرت عِنْده كتب والدها. فاستعان بهَا على الْعلم، والتبحر فِي الْمسَائِل. وَقيد بِخَطِّهِ الْكثير، واجتهد، وصنف، وَقَرَأَ بِبَلَدِهِ محترفاً بضَاعَة التوثيق؛ فَعظم بِهِ الِانْتِفَاع. وَولي الْقَضَاء بآش، وملتماس، وقمارش، ثمَّ بِبَلَدِهِ مالقة. وَتُوفِّي بهَا مصروفاً عَن الْقَضَاء، دون عقب، فِي يَوْم الثُّلَاثَاء الْخَامِس وَالْعِشْرين لذِي حجَّة عَام ٧٣٥؛ وَلم يخلف بِبَلَدِهِ مثله فِي وقته مُشَاركَة فِي الْفُنُون، وجودة نظر، وثقوب ذهن. وَخرج عَلَيْهِ طَائِفَة من الطّلبَة. وَولي بعده بِقَيْد الْحَيَاة بمكانه من خطة الْقَضَاء صَاحبه، المنتفع بِهِ قبل ذَلِك قِرَاءَة علية وسكوناً إِلَيْهِ، مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَاج، الْمَدْعُو بِأبي البركات البلفيقي، حَسْبَمَا يَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ بعد بحول الله تَعَالَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute