خطا دَقِيقًا؛ فَإِنَّهُ يضر بأبصاركم، ويقل انْتِفَاع الْغَيْر بِهِ بعدكم؛ وَإِذا خططتم أحدا، فَلَا حظوا تخطيطه أَن يكون الشَّخْص المخطط غير خلي من الْمَعْنى الْوَاقِع فِي اسْمه، توخياً مِنْكُم للصدق، وتحرياً عَن التجاوز الْمَحْض؛ وَلَا يكن همكم بكتب الشُّيُوخ لكم على مَا قَرَأْتُمْ. وَليكن همكم أَن تَكُونُوا من الدّيانَة والدراية بِمَثَابَة من يقبل قَوْله فِيمَا يَدعِيهِ وَلَا يكذب فِيهِ إِلَى غير ذَلِك من خطبه ومواعظه وأدبه. وَكَانَ فِي أقضيته لَا يرى الحكم بِمُجَرَّد التدمية، إِذا لم يقْتَرن بهَا لشَيْء من اللوث، ويرخص للرجل فِي مُتَابَعَته لزوجته بالأدب، ويوجبه على الصَّلَاة، بِخِلَاف مَا ذهب إِلَيْهِ ابْن أبي زيد فِي نوادره، ويردد مَا ورد فِي الصَّحِيح: أَلا كلكُمْ رَاع، وكلكم مسؤول عَن رَعيته {وَكَانَ لَا يُوسع للناشر عَن رَأْي الْفِرَار بعد الدُّخُول ويجبرها على الرُّجُوع، إِلَى أَن أحدثت لَهُ بمالقة، أَيَّام قَضَائِهِ بهَا، مَعَ رجل من أَهلهَا يعرف بِعَبْد الله الوردي؛ فَأمْسك عَن ذَلِك. وَكَانَ يَأْخُذ بِمذهب اللَّيْث بن سعد فِي كِرَاء الأَرْض بالجزء مِمَّا تنْبت، ويحذر من الركون إِلَى مقالات مُحَمَّد بن عمر الرَّازِيّ الْمَعْرُوف بِابْن خطيب الرَّأْي فِي المباحث، وينكر عَلَيْهِ مَا قَرَّرَهُ آخر محمله من الأراء وَقَوله فِي الْأَرْبَعين: أما الْكَافِر، فَهُوَ على قَول الْأَكْثَر من الْأمة يبقي مخلداً فِي النَّار؛ وَهَذَا القَوْل من ابْن الْخَطِيب فِيهِ مَا فِيهِ؛ فَإِن الْمُخَالف فِي تخليد الْكَافِر فِي النَّار هُوَ من الْقلَّة والشذوذ، بِحَيْثُ لَا يلْتَفت إِلَيْهِ، وَلَا يعد كَلَامه قولا فِي الْمَسْأَلَة. وَكَانَ يَقُول: من لم يتمرن فِي عُقُود الشُّرُوط، وَلَا أَخذ نَفسه بالتفقد فِي كتب التوثيق، لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يكون قَاضِيا، وَإِن كَانَ قَوِيا فائقاً فِي سَائِر الْعُلُوم} وَإِن ذَهَبْنَا إِلَى تَقْدِير مَا تلقيناه من شَيخنَا القَاضِي أبي عبد الله فِي مجالسه العلمية من نكت النَّوَازِل وطرف الْمسَائِل، طَال بِنَا القَوْل، وَأدْركَ فريضتنا الْعَوْل {وَفِيمَا ذَكرْنَاهُ الْعِنَايَة الكافية. وَبِالْجُمْلَةِ، فَمَا كَانَ إِلَّا كَمَا ذكر بَقِي بن مخلد عَن مُحَمَّد بن بشير حَيْثُ قَالَ: مَا كَانَ يُقَاس إِلَّا بِمن تقدم من صُدُور هَذِه الْأمة. وَمن تِلْكَ الطَّبَقَة كَانَ مُحَمَّد بن بكر عِنْد من عرفه وَاسْتمرّ على عمله من الِاجْتِهَاد، وَالرَّغْبَة فِي الْجِهَاد، إِلَى أَن فقد رَحمَه الله} فِي مصَاف الْمُسلمين، يَوْم المناجزة الْكُبْرَى بِظَاهِر طريف، شَهِيدا محرضاً، يشحد البصائر، ويدمن الْأَبْطَال، وَيُشِير على الْأَمِير أَن يكثر من قَول: حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل!
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute