وَمن الْقُضَاة بِبِلَاد شَرق الأندلس، أَبُو الْوَلِيد سُلَيْمَان بن خلف الْبَاجِيّ. قَالَ عِيَاض فِيهِ: جال بِبِلَاد الْمشرق نَحْو ثَلَاثَة عشر عَاما، وَكَانَ يصحب الرؤساء، وَيقبل جوائزهم، فَكثر الْقَائِلُونَ فِيهِ من أجل ذَلِك. ولي قَضَاء مَوَاضِع من الأندلس تصغر عَن قدره، فَكَانَ يبْعَث إِلَيْهَا خلفاء، وَرُبمَا قَصدهَا بِنَفسِهِ. وَمن شعره: إِذا كنت أعلم علما يَقِينا ... بِأَن جَمِيع حَياتِي كساعه فَلم لَا أكون ضنيناً بهَا ... وأجعلها فِي صَلَاح وطاعه وَالْقَاضِي أَبُو الْوَلِيد هَذَا من الْقَوْم الَّذين سما ذكرهم بعد وفاتهم، وانقضاء أمد حياتهم؛ فبهرت ولايتهم، واشتهرت فِي الْآفَاق درايتهم. وَمِنْهُم كَانَ القاضيان أَبُو بكر ابْن عبد الله بن الْعَرَبِيّ، وَأَبُو الْفضل عِيَاض بن مُوسَى الْيحصبِي؛ فجرت عَلَيْهِمَا محن، وأصابتهما فتن، وَمَات كل وَاحِد مِنْهُمَا مغربا عَن أوطانه، مَحْمُولا عَلَيْهِ من سُلْطَانه. وَقَالَ بَعضهم: سم ابْن الْعَرَبِيّ، وخنق الْيحصبِي تغمد الله الْجَمِيع برحمته، وَجعل أجورنا موفورة بمنته {
ذكر القَاضِي أبي الْوَلِيد يُونُس بن مغيث
وَمِنْهُم يُونُس بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مغيث، يكنى أَبَا الْوَلِيد. قَلّدهُ الْخَلِيفَة هِشَام ابْن مُحَمَّد المرواني الْقَضَاء سنة ٤١٩، وَهُوَ شيخ قد زَاد على الثَّمَانِينَ؛ وَهُوَ ذُو ذهن ثَابت، جزل الخطابة، حَاضر المذاكرة؛ وَله كتب حسان فِي الزّهْد والدقائق. قَالَ ابْن بشكوال، وَقد ذكره فِي صلته قَالَ: صَاحبه أَبُو عمر بن مهْدي، وقرأته بِخَطِّهِ: كَانَ نفع الله بِهِ} من أهل الْعلم بالفقه والْحَدِيث، كثير الرِّوَايَة، وافر الْحَظ،