عَن سلفه، وَأهل بَلَده؛ وَولي قَضَاء الْجَمَاعَة. وَكَانَ ذَا رِوَايَة، ودراية، وعناية بِالْعلمِ. وبويع لَهُ. فَمَا استقامت لَهُ حَال، وَلَا رضى مِنْهُ ذَلِك الانتحال، إِلَى أَن اسْتَقر بمالقة تَحت إيالة غَيره؛ فَتوفي بهَا سنة ٥٤٧. وَبعد وَفَاته أخرج من قَبره، وصلب فِي اثنى عشر رجلا من أَصْحَابه. وَسَماهُ أَبُو عبد الله بن عَسْكَر فِي تأريخه، وَذكر نبذاً من أخباره، وَأَنه كَانَ يحدث فِي صغره، بِمَا يؤول إِلَيْهِ أمره فِي كبره. وَوصف كَيْفيَّة إِخْرَاجه من قَبره، وصلبه بمالقة، إِثْر الِاسْتِيلَاء على رئيسها أبي الحكم بن حسون وَقَتله، وَإنَّهُ لم يكن لَهُ عقب، وَبَقِي عقب أَخِيه. قَالَ الْمُؤلف أبقى الله بركته {وَعند الْفِتْنَة الأشقيلولية، انْتقل من بقى من بني حمدين من مالقة، فاستقروا بِمَدِينَة سلا من العدوة الغربية حاطها الله تَعَالَى} وَأَعْقَابهمْ بهَا حَتَّى الْآن، تَحت عناية ورعاية. فسبحان مُدبر الْأُمُور، ومداول الْأَيَّام والشهور!
ذكر القَاضِي أبي مُحَمَّد عبد الله الوحيدي
وَمِنْهُم، الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عمر بن أَحْمد الوحيدي، أحد أَعْلَام زَمَانه جلالة، وجزالة، ونباهة، ووجاهة، ولي الْقَضَاء بَريَّة سنة ٥٣١، فَقَامَ بأعبائه أجمل قيام، فَذهب إِلَى انتقاء الشُّهُود، والتسوية فِي الْأَحْكَام بَين الشريف والمشروف، وَأخذ فِي تَجْدِيد مَا كَانَ قد درس من رسم الأحباس، وَتحفظ من جَمِيع النَّاس. واستمرت ولَايَته مُدَّة من نَحْو ثَمَانِيَة عشر عَاما. ثمَّ استشعر من نَفسه قُصُور ملالة، وفتور شاخة؛ فآلى إِلَى الزهادة، وَقبض يَده عَن أَخذ الجراية المتعادة لأمثاله من الْقُضَاة، وَأكْثر من الإفصاح بالإستعفاء، فَترك لشأنه، وَسمع مِنْهُ قَوْله يُخَاطب أحد طلبته: صن الْكتاب وَلَا تَجْعَلهُ منديلاً ... وَلَا يكن صونه للدرس تعطيلا وسل فقيهك فِيمَا أَنْت جاهله ... فَرُبمَا كنت بعد الْيَوْم مسؤولا وَله، يُرَاجع الْخَطِيب ابْن أبي الْعَيْش، وَقد تكلم مَعَه فِي خصومه أحد اللائذين بِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute