وَمن الْقُضَاة، وصدور الروَاة، الشَّيْخ أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن أبي الْأَحْوَص الْقرشِي الفِهري، من أهل غرناطة، وَأَصله من بلنسية؛ يكنى أَبَا عَليّ، وَيعرف بِابْن النَّاظر. ارتحل عَن غرناطة لغَرَض عَن لَهُ بهَا؛ فَلم يقْض؛ فَأَنف من ذَلِك، فاستقر بمالقة، مقريئاً ومحدثاً، وَاقْتصر على الْخطْبَة بقصبتها، بضعاً وَعشْرين سنة. ثمَّ خرج من مالقة، فَارًّا إِلَى غرناطة، لتغيير كَانَ سَببه فتْنَة الْخلاف بهَا، ودساس الْفَزارِيّ، الْمَقْتُول بعد بغرناطة على كفره وتسرعه لإضلال غَيره. فولى قَضَاء المرية؛ ثمَّ قَضَاء بسطة؛ ثمَّ ولي قَضَاء مالقة، عِنْد ذهَاب الْفِتْنَة، وَخُرُوج بني أشقيلولة عَنْهَا. وَكَانَ من أهل الْمعرفَة، والدراية، وَالرِّوَايَة الواسعة، والثقة، وَالْعَدَالَة؛ جال فِي الْبِلَاد، وَأكْثر من لِقَاء الرِّجَال؛ فَأخذ بغرناطة عَن الْأُسْتَاذ أبي مُحَمَّد الكواب، وبإشبيلية عَن الْمُقْرِئ أبي الْحسن بن جَابر الدباج. ولازم فِي الْعَرَبيَّة وَالْأَدب الْأُسْتَاذ أَبَا عَليّ الشلوبين: أَخذ عَنهُ أَكثر كتاب سِيبَوَيْهٍ. وروى عَن الْوَزير سهل بن مَالك الْأَزْدِيّ، وَعَن القَاضِي أبي الْقَاسِم بن بَقِي، وببلنسية عَن أبي الرّبيع بن سَالم، وبمرسية عَن أبي الْعَبَّاس بن عَيَّاش، وبجزيرة شقر عَن الْخَطِيب أبي بكر بن وضاح، وبمالقة عَن الْحَاج أبي مُحَمَّد عَطِيَّة، وَعَن أبي الْقَاسِم بن الطيلسان، وَعَن غير من سمي. وَكتب إِلَيْهِ بِالْإِجَازَةِ آخَرُونَ. وروى عَنهُ الجم الْغَفِير: مِنْهُم الْأُسْتَاذ أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الزبير الثَّقَفِيّ، والخطيب الْأُسْتَاذ أَبُو مُحَمَّد بن أبي السداد الْبَاهِلِيّ، وَآخر من روى عَنهُ بالأندلس شَيخنَا الْمُقْرِئ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن أَيُّوب التجِيبِي. وَله مصنفات فِي الحَدِيث والقراءات. وَتُوفِّي القَاضِي أَبُو عَليّ مُؤَخرا عَن قَضَاء مالقة فِي الرَّابِع عشر لجمادى الأولى سنة ٦٩٩ غفر الله لنا وَله!