إِلَيْهِ سلمَان: إِن الأَرْض لَا تقدس أحدا، وَإِنَّمَا يقدس الْإِنْسَان عمله وَقد بَلغنِي أَنَّك جعلت طَبِيبا تداوي النَّاس: فَإِن كنت تبرى، فَنعما لَك {وَإِن كنت متطبباً، فاحذر أَن تقتل إنْسَانا، فَتدخل النَّار} وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاء، إِذا قضى بَين إثنين، ثمَّ أدبرا عَنهُ، قَالَ: ارْجِعَا {أُعِيد على قضيتكما متطبباً وَالله} وَيحيى بن سعيد هُوَ الْقَائِل: وليت قَضَاء الْكُوفَة، وَأَنا أرى أَنه لَيْسَ على الأَرْض شَيْء من الْعلم، إِلَّا وَقد سمعته. فَأول مجْلِس جَلَست للْقَضَاء، اخْتصم إِلَيّ رجلَانِ مَا سَمِعت فِيهِ شَيْئا {وَفِي المستخرجة: قَالَ مَالك: قَالَ عمر بن الْحُسَيْن: مَا أدْركْت قَاضِيا استقضى بِالْمَدِينَةِ إِلَّا رَأَيْت كآبة الْقَضَاء وكراهيته فِي وَجهه} . وَفِي الصَّحِيح عَن أبي ذَر: قلت: يَا رَسُول الله، أَلا استعملتني {فَضرب بِيَدِهِ على مَنْكِبي، ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَر، إِنَّك ضَعِيف، وَإِنَّهَا أَمَانَة، وَإِنَّهَا يَوْم الْقِيَامَة خزي وندامة، إِلَّا من أَخذهَا بِحَقِّهَا، وَأدّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا} فَلَا يَنْبَغِي أَن يتَقَدَّم على الْعَمَل إِلَّا من وثق بِنَفسِهِ وَتعين لَهُ وأجبره الإِمَام الْعدْل عَلَيْهِ. وَللْإِمَام الْعدْل إِجْبَاره إِذا كَانَ صَالحا، وَله أَن يمْتَنع عَنهُ إِلَّا أَن يتَحَقَّق أَنه لَيْسَ فِي تِلْكَ النَّاحِيَة من يصلح للْقَضَاء سواهُ؛ فَلَا يحل لَهُ الِامْتِنَاع حِينَئِذٍ لتعيين الْفَرْض عَلَيْهِ.
[فصل]
من الْمَجْمُوع الْمُسَمّى؛ الْمَقْصد الْمَحْمُود: الْقَضَاء محنة وبلية، وَمن دخل فِيهِ، فقد عرض نَفسه للهلاك، لِأَن التَّخَلُّص مِنْهُ عسير؛ فالهروب مِنْهُ وَاجِب، لَا سِيمَا فِي هَذَا الْوَقْت، وَطَلَبه حمق وَإِن كَانَ حسبَة. قَالَه الشّعبِيّ. وَرخّص فِيهِ بعض الشَّافِعِيَّة: إِذا خلصت نِيَّته للحسبة، بِأَن يكون وليه من لَا ترْضى أَحْوَاله؛ وَالْأول أصح لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام {: إِنَّا لَا نستعمل على عَملنَا من أَرَادَهُ. وَفِي إِكْمَال الْمعلم: اخْتلف الْعلمَاء فِي طلب الْولَايَة مُجَردا، هَل يجوز أَو يمْنَع، وَأما إِن كَانَ الرزق يرتزقه، أَو فَائِدَة جَائِز يسْتَحقّهُ، أَو لتضييع الْقَائِم بهَا أَو خَوفه حُصُولهَا فِي غير مستوجبها، وَنِيَّته فِي إِقَامَة الْحق فِيهَا؛ فَذَلِك جَائِز لَهُ. وَقد قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام} : " اجْعَلنِي على خَزَائِن الأَرْض ". وَمن الحَدِيث
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute