الوازر وَالِي دِرْهَم فِي قِرَاءَة الْقُرْآن، والتلفظ وَالْأَدَاء، وعَلى الْخَطِيب الصُّوفِي أبي جَعْفَر الزيات، من أهل بلش مالقة، على كَثْرَة من لقِيه من حَملَة كتاب الله وقرائه بالمشرق وَالْمغْرب. وعَلى الغافقي أَيْضا كَانَ فِي تعلم الْعَرَبيَّة اعْتِمَاد شيخ النُّحَاة بِحَضْرَة غرناطة، الْأُسْتَاذ أبي عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ الْخَولَانِيّ، المشتهر بقيرى رحم الله جَمِيعهم وكافي صنيعهم!
ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد اللَّخْمِيّ الْقُرْطُبِيّ
وَمِنْهُم مُحَمَّد بن مُحَمَّد اللَّخْمِيّ الْمَعْرُوف بالقرطبي، من أهل سبتة، وَالْقَاضِي بهَا. وَكَانَ من جلة الْحُكَّام الصُّدُور والأعلام؛ خطب بِمَسْجِد بَلَده، ودرس بِهِ الْفِقْه وَغَيره. وَكَانَ قَائِما على الْمَذْهَب، مُنْقَطع القرين فِي حفاظه. وَكَانَ من شَأْنه، إِذا أَتَى الْمَسْجِد للْحكم فِيهِ بَين النَّاس، يتركع ويتضرع إِلَى الله تَعَالَى، ويلح فِي الدُّعَاء، ويسأله أَن يحملهُ على الْحق ويعينه عَلَيْهِ، ويرشده للصَّوَاب؛ وَإِذا فرغ من الحكم، يتركع، وَيسْتَقْبل الله تَعَالَى يسْأَله الْعَفو وَالْمَغْفِرَة عَمَّا عَسى أَن يكون صدر عَنهُ، مِمَّا تلْحقهُ تبعة فِي الْآخِرَة. أَخذ عَن الشُّيُوخ الجلة أبي الْحسن بن أبي الرّبيع، وَابْن الخضار، وَابْن الطّيب وَغَيرهم. وَتُوفِّي بِبَلَدِهِ قَاضِيا مشكوراً، وَهُوَ على سنّ عالية؛ وَذَلِكَ صدر ربيع الآخر من عَام ٧٢٣.
ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن مَنْصُور التلمساني
وَمن الْقُضَاة بِمَدِينَة تلمسان، الشَّيْخ الْفَقِيه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مَنْصُور بن عَليّ بن هديمة الْقرشِي، كَبِير قطره فِي عصره نباهة، وجاهة، وَقُوَّة فِي الْحق، وصرامة. وَكَانَ أثيراً لَدَى سُلْطَانه؛ قَلّدهُ مَعَ قَضَائِهِ كِتَابَة سره، وأنزله من خواصه فَوق منزلَة وزرائه؛ فَصَارَ يشاوره فِي تَدْبِير ملكه؛ فقلما كَانَ يجْرِي شَيْئا من أُمُور السلطنة إِلَّا عَن مشورته، وَبعد استطلاع نظره. وَكَانَ أصيل الرَّأْي، مُصِيب الْعقل، مذكراً لسلطانه بِالْخَيرِ،