للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَا كن اخْتلف فِي حد الطول؛ فَقَالَ ابْن حبيب: أما الرَّقِيق، وَالدَّوَاب، وَالرّبع، وَالْعَقار، فالبائع مُصدق وَإِن تفَرقا مَا لم يطلّ، فَإِن مضى عَام أَو عامان، فَالْقَوْل قَول الْمُبْتَاع، وَلَيْسَ يُبَاع مثل هَذَا على التقاضي. وَأما الْبَز وَشبهه من التِّجَارَات، فَمَا يُبَاع على التقاضي والآجال؛ فَإِن قَامَ مَا لم يطلّ، فَزعم أَنه لم يقبض الثّمن، حلف وَصدق؛ وَإِن قَامَ بعد طول مثل عشر سِنِين، فَأَقل مِنْهَا مِمَّا لَا يبْتَاع ذَلِك إِلَى مثله، صدق الْمُبْتَاع وَيحلف. وساوى ابْن الْقَاسِم بَين الْبَز وَغَيره مَا عدا الْحِنْطَة وَالزَّيْت وَنَحْو ذَلِك، وَجعل القَوْل فِي ذَلِك قَول البَائِع، وَلَو بعد عشْرين سنة، حَتَّى تجَاوز الْحَد الَّذِي لَا يجوز البيع إِلَيْهِ. قَالَ الْمَازرِيّ: وَالتَّحْقِيق أَن هَذَا الطول غير مَحْدُود، وَلَا مُقَدّر، لَا بِحَسب مَا تجْرِي بِهِ الْعَادة فِي سَائِر الْجِهَات، وَفِي أَجنَاس التِّجَارَات؛ فَلَا معنى للرُّجُوع إِلَى هَذِه الرِّوَايَات، لِأَنَّهَا مَبْنِيَّة على شَهَادَة بعادة. وَمن هَذَا أَيْضا مَا قَالُوا إِن القَوْل قَول المكترى فِي دفع الْكِرَاء إِذا طَال الْأَمر بعد انْقِضَاء أمد الْكِرَاء، حَتَّى يُجَاوز الْحَد الَّذِي جرى الْعرف بِتَأْخِير الْكِرَاء إِلَيْهِ. وَمن مثل هَذَا أَيْضا، دَعْوَى الزَّوْج دفع الصَدَاق إِلَى الزَّوْجَة: فقد قَالَ مَالك وَابْن الْقَاسِم: إِن الزَّوْج يصدق فِي الدّفع إِذا اخْتلف فِي ذَلِك بعد الْبناء. وَمن مثل هَذَا أَيْضا، مَا قَالُوا فِي أَن رب الدّين، إِذا حضر على قسْمَة تَرِكَة الْمديَان، وَلم يقم بِدِينِهِ، وَلَا عذر لَهُ بِمَنْعه من الْقيام، فَلَا شَيْء لَهُ. وَمن مثل هَذَا أَيْضا مَا قَالَ مَالك فِي الوسى: يدعى دفع المَال إِلَى الْيَتِيم إِنَّه لَا يصدق إِلَّا إِن يكون رجلا ادّعى على وليه أَنه لم يدْفع إِلَيْهِ مَاله بعد زمَان طَوِيل، قد خرج فِيهِ عَن حَال الْولَايَة، حَتَّى إِذا طَال الزَّمَان، وَهلك الشُّهُود، قَالَ: فلَان وليى، وَلم يدْفع إِلَيّ مَالِي؛ فَلَيْسَ هَذَا بِالَّذِي أُرِيد! قَالَ ابْن رشد هَذَا، كَمَا قَالَ من أَن ولي الْيَتِيم يصدق مَعَ يَمِينه فِي دفع مَال الْيَتِيم إِلَيْهِ إِذا أنكر الْقَبْض وَقد طَالَتْ الْمدَّة، لِأَن طول الْمدَّة دَلِيل على صدقه لِأَن الْعرف يشْهد لَهُ؛ فَيكون القَوْل قَوْله، كَمَا يكون القَوْل المكترى فِي دفع الْكِرَاء إِذا طَال الْأَمر بعد انْقِضَاء أمد الْكِرَاء، حَتَّى يُجَاوز الْحَد الَّذِي جرى الْعرف بِتَأْخِير الْكِرَاء إِلَيْهِ. قَالَ القَاضِي أَبُو بكر ابْن يبْقى بن زرب: إِذا قَامَ على وَصِيَّة بعد انطلاقه من الْولَايَة بأعوام كَثِيرَة كالعشرة والثمان، يَدعِي أَنه لم يدْفع إِلَيْهِ مَاله؛ فَلَا شَيْء لَهُ قبله يُرِيد من المَال وَيحلف، لقد دفع إِلَيْهِ. قَالَ: وَإِذا لم يكن فِي حد ذَلِك سنة، يرجع إِلَيْهَا فَالَّذِي يُوجِبهُ النّظر أَن يكون القَوْل قَول

<<  <   >  >>