للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليه الشَّيْخ الْفَقِيه القَاضِي أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن فرج بن جذام اللَّخْمِيّ، أحد أماثيل بَلَده نباهة قدر، وسلامة صدر، لم ينْتَقل عَن ذَلِك إِلَى أَن توفّي فِي آخر عَام ٧٥٧. فخلفه فِي النِّيَابَة بِمَجْلِس الحكم الشَّرْعِيّ صَاحبه الْفَقِيه الْأَجَل، القَاضِي الأنوى الْأَكْمَل، أَبُو جَعْفَر أَحْمد ويدعى بِأبي بكر بن شَيخنَا الْأُسْتَاذ الْحَافِظ الْخَطِيب الشهير أبي الْقَاسِم مُحَمَّد بن أَحْمد بن جزى الْكَلْبِيّ، ذُو الْبَيْت الْأَصِيل، وَالْمجد الرفيع الأثيل؛ فَنَهَضَ بأعباء الْقَضَاء. ثمَّ إِنَّه اشْتغل بعد وَفَاة القَاضِي الشريف بخطبته واستقرت أزمتها فِي يَده؛ ثمَّ صرف عَنْهَا إِلَى غَيرهَا؛ وَهُوَ لهَذَا الْعَهْد بِقَيْد الْحَيَاة تولاه الله {ومولد الشريف السمى بسبتة سادس ربيع الأول الْمُبَارك الَّذِي من عَام ٦٩٧؛ وَفَاته بغرناطة ضحى يَوْم الْخَمِيس الْحَادِي وَالْعِشْرين لشهر شعْبَان من عَام ٧٦٠؛ وَبَنوهُ من بعده فِي الأندلس بِحَال نباهة وَاسْتِعْمَال فِي الْقَضَاء وَالْكِتَابَة. وَمن الحَدِيث الثَّابِت فِي الصَّحِيح عَن أنس بن مَالك أَنه قَالَ: قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة، وَأَبُو بكر وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة، وَعمر وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة وَوَافَقَ أَن كَانَت وَفَاة الشريف أبي الْقَاسِم على حسب وِلَادَته وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة؛ وَتلك من جملَة كراماته تغمدنا الله وإياه برحمته} وَقد كمل الْغَرَض الْمَقْصُود من هَذَا الْبَاب. وَقد ذكرت فِيهِ من أَعْلَام الرِّجَال مَا عولت عَلَيْهِ، وادتنى المذاكرة إِلَيْهِ. وَإِلَى الله تَعَالَى أَبْرَأ من الاحاطة فَرُبمَا أغفلت، أَضْعَاف مَا نقلت؛ وَفِيمَا جلبته من الأنباء، وأدرجته من الْأَخْبَار طي الْأَسْمَاء، مَا يحمل النَّاظر فِيهِ على الِاعْتِبَار، وإيثار سير الْفُضَلَاء والأخيار، بحول الله! وَلَا اعْتِرَاض علينا من أهل الْحق فِيمَا أَثْبَتْنَاهُ من الحكايات، وضروب المقالات، إِذْ حَاصِل مجموعها مَنَاقِب ومواعظ، يَأْخُذ مِنْهَا على قدر همته السَّامع والواعظ، مَعَ أَنه قد ثَبت من الْأَئِمَّة الْمُتَكَلِّمين فِي هَذَا الشَّأْن أَنهم قَالُوا: يَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يحفظ فَضَائِل أهل الْعدْل ومآثرهم، وينافسهم على ذَلِك، وَأَن يَأْخُذ نَفسه بسيرهم، وَحفظ أحكامهم ورسائلهم ومواعظهم، مَعَ علمه بالفقه والْحَدِيث؛ فَإِن ذَلِك قُوَّة لَهُ على مَا قَلّدهُ الله. وَمن المروى عَن مُحَمَّد بن الْحسن أَنه كَانَ يَقُول: سَمِعت جَعْفَر الْخُلْدِيِّ يَقُول: سُئِلَ الْجُنَيْد: مَا للمريدين فِي مجازات

<<  <   >  >>