امْرَأَة شَابة، وَإِنِّي أَبْتَغِي مَا يَبْتَغِي النِّسَاء {فَأرْسل إِلَى زَوجهَا وَقَالَ لكعب: اقْضِ بَينهمَا. قَالَ: فَإِنِّي أرى لَهَا يَوْمًا من أَرْبَعَة أَيَّام وَكَانَ زَوجهَا لَهُ أَرْبَعَة نسْوَة فَإِذا لم يكن لَهُ غَيرهَا، فَإِنِّي أَقْْضِي لَهُ بِثَلَاثَة أَيَّام ولياليها يتعبد فِيهَا، وَلها يَوْم وَلَيْلَة. قَالَ عمر: وَالله} مَا رَأْيك الأول بِأَعْجَب إِلَيّ من الآخر {اذْهَبْ} فَأَنت قاضٍ على الْبَصْرَة {وَهَذَا من حُقُوق الزَّوْجَة، إِذا فرط فِيهِ الرجل، ودعت إِلَيْهِ الْمَرْأَة، فَحكم بِهِ عَلَيْهِ وَتطلق من أَجله على زَوجهَا إِذْ امْتنع عَنهُ بِغَيْر عذر، حَسْبَمَا تضمنته مسَائِل هَذَا الْبَاب، فِي مَوْضِعه من كتب الْفِقْه. وعَلى قَول الزُّهْرِيّ: أول قاضٍ فِي الْإِسْلَام ابْن يزِيد بن سعيد. وَقيل: بل، أول قاضٍ كَانَ زيد بن ثَابت. وَقيل أَيْضا مثل ذَلِك عَن أبي الدَّرْدَاء. وَأما أرسخ الصَّحَابَة فِي الْعلم بِالْقضَاءِ رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ} فَهُوَ عَليّ بن أبي طَالب من غير خلاف. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {: وأقضاهم عَليّ وَكَانَ عمر بن الْخطاب يتعود من معضلة لَيْسَ فِيهَا أَبُو حسن. وَقَالَ فِي الْمَجْنُونَة الَّتِي أَمر برجمها، وَفِي الَّتِي وضعت لسِتَّة أشهر: فَأَرَادَ عمر إِقَامَة الْحَد عَلَيْهَا؛ فَقَالَ لَهُ عَليّ: إِن الله تَعَالَى يَقُول: وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا. وَقَالَ لَهُ: إِن الله رَجَعَ الْقَلَم من الْمَجْنُون الحَدِيث. فَكَانَ عمر يَقُول: لَوْلَا عَليّ، هلك عمر} وَقيل لعطاء. أَكَانَ من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أحد أعلم من عَليّ؟ قَالَ: وَالله أعلمهُ} وَكَانَ مُعَاوِيَة يكْتب فِيمَا ينزل بِهِ ليسأل لَهُ عَليّ بن أبي طَالب عَنهُ؛ فَلَمَّا بلغه قَتله، قَالَ: ذهب الْعلم بِمَوْت عَليّ {وَمن كَلَام ضرار فِيهِ، وَقد طلب مِنْهُ مُعَاوِيَة وَصفه بعد وَفَاته؛ فَقَالَ: كَانَ وَالله} بعيد المدى، شَدِيد القوى، يَقُول فصلا، وَيحكم عدلا، يتفجر الْعلم من جوانبه، وتنطق الْحِكْمَة من نواحيه، إِلَى غير ذَلِك من صِفَاته. وَفِي مُصَنف أبي دَاوُود عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ {قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم} إِلَى الْيمن قَاضِيا؛ فَقَالَ: إِن الله عز وَجل سيهدي قَلْبك، وَيثبت لسَانك؛ فَإِذا جلس بَين يَديك الخصمان، فَلَا تقضى حَتَّى تسمع من الآخر، كَمَا سَمِعت من الأول! فَإِنَّهُ أَحْرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute