للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذَات يَده. وَلَا يتَكَلَّف مَا فِي وَسعه؛ وَأكل أَمْوَال النَّاس بالمسكنة وَالصَّدَََقَة خير من أكله بِالْعلمِ وَالْقُرْآن. وَهُوَ الْقَائِل: من لم يعْمل بِعِلْمِهِ، لم يَنْفَعهُ الْعلم، بل يضرّهُ وَإِنَّمَا الْعلم نور يَضَعهُ الله فِي الْقُلُوب، فَإِذا عمل بِهِ، نور الله قلبه؛ وَإِن لم يعْمل بِهِ، وَأحب الدُّنْيَا، أعمى حب الدُّنْيَا قلبه، وَلم ينوره الْعلم {وَكَانَ يَقُول: ترك الْحَلَال أعظم من جَمِيع عبَادَة الله؛ وَترك الْحَلَال لله أفضل من أَخذ وإنفاقه فِي طَاعَة الله} وَقَالَ: ترك دانق مِمَّا حرم الله أَكثر من سبعين ألف حجَّة، يتبعهَا سَبْعُونَ ألف عمْرَة مبرورة متقبلة، وَأفضل من سبعين فرسا فِي سَبِيل الله بزادها وسلاحها، وَمن سبعين ألف بَدَنَة يهديها إِلَى بَيت الْعَتِيق، وَأفضل من عتق سبعين ألف رَقَبَة مُؤمنَة من ولد إِسْمَاعِيل {قَالَ صَاحب المدارك: فَبلغ كَلَامه هَذَا لعبد الْجَبَّار بن خَالِد؛ فَقَالَ: نعم} وَأفضل من ملْء الأَرْض إِلَى عنان السَّمَاء ذَهَبا وَفِضة كسبت وأنفقت فِي سَبِيل لَا يُرَاد بهَا إِلَّا وَجه الله {وَهَذَا القَوْل بِنَاء على أَن التروك لَا توازيها الْأَفْعَال. وَكَذَلِكَ القَوْل فِي مَسْأَلَة ترك الْحَلَال لله إِنَّه أفضل من أَخذه وإنفاقه فِي طَاعَة الله مِمَّا وَقع فِيهِ الِاخْتِلَاف بَين الْعلمَاء. قَالَ عز الدّين أَبُو مُحَمَّد بن عبد السَّلَام السّلمِيّ: فَقَالَت طَائِفَة تَركهَا أفضل. وَقَالَ آخَرُونَ: بل} فعله مَعَ السَّلامَة أولى. قَالَ صَاحب الرِّعَايَة: لِأَنَّهُ قد اكْتسب من الْعَمَل مَا لم يكْتَسب غَيره وَإِنَّمَا يسْأَل عَن ذَلِك كَمَا يسْأَل عَن الصَّلَاة وَالصِّيَام ليثاب عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَمر بِالتّرْكِ خوفًا أَن لَا يسلم. وَتُوفِّي سَحْنُون رَحمَه الله! صدر شهر رَجَب سنة ٢٤٠ وَدفن من يَوْمه. وَصلى عَلَيْهِ الْأَمِير مُحَمَّد بن الْأَغْلَب. وَلم يَأْخُذ لنَفسِهِ، مُدَّة قَضَائِهِ، من السُّلْطَان شَيْئا. ذكر القَاضِي عِيسَى بن مِسْكين وَمِنْهُم عِيسَى بن مِسْكين بن مَنْصُور. سمع من سَحْنُون بالقيروان، وَسمع بِمصْر من الْحَارِث بن مِسْكين، وَمُحَمّد بن الْمَوَّاز، وَغَيرهم. وَكَانَ رجلا صَالحا، فَاضلا، طَوِيل الصمت، رَقِيق الْقلب، متفنناً فِي الْعُلُوم. وَكَيْفِيَّة ولَايَته الْقَضَاء أَن الْأَمِير إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن الْأَغْلَب كَانَ قد اضْطر يحيى بن عمر إِلَى ولَايَة الْقَضَاء. فَقَالَ لَهُ: إِن دللتك على

<<  <   >  >>